تطلّبا مجابا ، ولا أدعي الثراء ، أو القدرة على الإثراء.
٢ (وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) كيف ولا يعلمه إمام الرسل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كما لا يملك خزائن الله : (قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ ..) (٦ : ٥٠) ـ
(قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٧ : ١٨٨).
٣ (وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ) كما تشتهون وتتعنتون فادعي صفة ـ هي بزعمكم ـ أعلى من صفة الإنسانية ، لأرتفع في حسبانكم الباطل الجاهل إغراء بالجهل ، حيث الحق لا يتذرع إليه بالباطل ، والغاية لا تبرر الوسيلة ، بل أنا فوق الملك برسالة ربي لو تشعرون.
٤ (وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ) انتقاصا لهم وإزراء بازدراء إرضاء لكبريائكم وعلوائكم أو مسايرة لتقديركم الغدير أرضيا ، قيمكم ـ الهابطة ـ عرضيا ، «لا أقول» لهؤلاء الفقراء : (لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) كما تزعمون.
والازدراء هو صفة أصحاب هذه الأعين ، منسوبة هنا إلى الأعين مبالغة بليغة إذ تستصغرهم بلمحات العين ، حيث يقبحون في منظر عينك خلقة ويصغرون دمامة ، كما يقال : اقتحمت فلانا عيني واحتقره طرفي ، إذا قبح في منظر عينه خلقة ، وصغر دمامة.
(اللهُ أَعْلَمُ بِما فِي أَنْفُسِهِمْ) من نفاسة الإيمان كما يظهرون ، أم من نحوسة النفاق لو أنهم يبطنون ، فليس إلا ظاهرهم الباهر بالإيمان حيث يدعو إلى التكريم والاطمئنان ، وإلى الرجاء أن يؤتيهم الله خيرا مما آتاهم على ضوء الإيمان.
وهنا (لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) سلب طليق لكل خير عن هؤلاء الذين