تزدرى أعينهم ، وهذه فكرة خاطئة استكبارية بشأن الفقراء ، اعتبارا أن الله تعالى كما فضل الأغنياء بفضل القوة والسيادة والمال ، فهكذا الحال في كل فضل من رسالة ربانية أماهيه من فضل ، وقد يندد بهم كما في آية الأعراف من أصحاب الأعراف : (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ. أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) (٤٩) فهؤلاء الأغنياء المستكبرون الأغبياء يظنونهم يستحقون كل الخيرات لأنهم أوتوا من المال والقوة ما به يستكبرون! كلا يا أغبياء ، ليست السيادة المادية تلازمها السيادة الروحية ، بل هما متناحرتان اللهم إلا في صاحب السلطة الزمنية على ضوء السلطة الروحية منه أم من روحي آخر! وتاريخ السلطات المادية الزمنية تشهد أنهم ليسوا إلا معارضين للسلطات الروحية فكيف ـ إذا ـ يستحقونها على شؤمهم ولؤمهم!.
«إني إذا» لو أنني أقول عندي خزائن الله واعلم الغيب وإني ملك ، وأقول (لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْراً) ـ (إِنِّي إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) بحق رسالة الله وعباد الله!.
ذلك ، وأحسن تعريف بالملائكة بعد تعريف القرآن ونبي القرآن ما عرفهم به شاهد منه في قوله (عليه السلام): «ثم خلق سبحانه لإسكان سماواته ، وعمارة الصفح الأعلى من ملكوته خلقا بديعا من ملائكته ، وملأ بهم فروج فجاجها ، وحشا بهم فتوق أجواءها ، وبين فجوات تلك الفروج زجل المسبحين منهم في حظائر القدس ، وسترات الحجب ، وسرادقات المجد ، ووراء ذلك الرجيح الذي تستك منه الأسماع سبحات نور تردع الأبصار عن بلوغها ، فتقف خاسئة على حدودها ، وأنشأهم على صور مختلفات ، وأقدار متفاوتات أولي أجنحة تسبّح جلال عزته ، لا ينتحلون ما ظهر في الخلق من صنعه ، ولا يدعون أنهم يخلقون شيئا معه مما انفرد به (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) ـ
جعلهم فيما هنالك أهل الأمانة على وحيه ، وحمّلهم إلى المرسلين ودائع أمره ونهيه ، وعصمهم من ريب الشبهات ، فما منهم زائغ عن سبيل