عاجز عن ردها ، أو ظالم بحق العباد إغراء بجهلهم فيها ، أم يوجد في هذا المدعي ما يبطل دعواه بذلك الوجدان ، كأن يناقض في قوله ، أو يقول ما ليست لتقبله الفطر والعقول ، أم تكذبه الحواس الصادقة ، وهذا هو المعني من : (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) إسقاطا لربانية دعواه إلى سقاط الدعاوي الباطلة الهباء.
ذلك ، ودعوى الفرية في القرآن ـ بكل حقوله ـ هي دعوى خاوية غاوية ، لا فحسب في آياته ، بل وفي تأليفه ، فإن فيه دورا هاما في القمة البيانية لكتاب الدعوة العالمية.
فاستناد هذا القرآن إلى الله يتطلب أن يكون كلّه مادة وتركيبا من الله ، فلو كانت المفردات من الله والتركيب لغير الله لكان القرآن مزدوج الكيان ، إلهيا في مفردات وبشريا في تنظيمات!.
ثم القسط الأوفر أو الموازي في إعجاز القرآن كامن وراء ذلك النظم البديع الرائع ، تناسقا نغميا مرنا في موسيقاه ، وتناسبا معنويا في محتواه ، وتحديه الصارخ لا يعني ـ فقط ـ مفرداته ، بل هو متحدّ بنظمه البديع ، فكما يتحدى بسورة قصيرة كالكوثر ، كذلك يتحدى بعشر سور مثله مفتريات ، أم وبه أجمع ، وقد تشمل «سورة» آية مستقلة المعنى!.
ومن ثم لو كان ذلك النظم مسنودا إلى غير الوحي الكافل لمفرداته ، لكانت عندنا مئات من القرائين المختلفة في ترتيب آياتها وسورها حسب مختلف الأنظار في الموازين الأدبية والمعنوية.
ولقد تواترت الروايات أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يأمر كتّاب الوحي أن تجعل بعض الآيات في محالها التي بين أيدينا ، لمكان اختلاف ترتيب التأليف عن ترتيب التنزيل.
وكما أن ترتيب الآيات كما هي الآن هو ترتيب قاصد بالوحي ، كذلك ترتيب السورة كما هي الآن.
وقيلة إن هذا الترتيب هو من عثمان أمن أشبه إنها غيلة على صيانة