يُونُسَ) لا تذكر إلا نجاتهم بصورة استثنائية بين كافة هؤلاء الذين آمنوا عند رؤية البأس.
فقد اختصت هذه السورة باسم يونس إيناسا لحالة منقطعة النظير بين الكفار ، وليعلم أن الأصل في النجاة هو التوبة الصالحة وإن كانت عند رؤية البأس وقليل ما هي ، وتحريضا على محاولة صالح التوبة لهؤلاء الذين لم يؤمنوا حتى أشرف عليهم البأس واليأس.
وهذه السورة هي من عداد السور التي أعطيها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) مكان الإنجيل وكما يروى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) «إن الله أعطاني الرائيات إلى الطواسين مكان الإنجيل» (١).
و «الرائيات» هي خمس أو ست ، هذه وهود ويوسف وإبراهيم والحجر تتخللها «المر» الرعد ، وقد تكون منها ، وهي متشابهة مع بعضها البعض في هذه الافتتاحية الرائية ، وكذلك ما تتلوها من ذكر آيات الكتاب ، مما قد يدل على أن هذه السور الخمس أو الست هي نموذجة عن القرآن كله ، ومن الرائع اختتام السورة كما بدء بذكر الكتاب ، بدء بالإعلام وختما بواجب اتباع قرآن الوحي : (وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحاكِمِينَ) مما يدل على بالغ الاهتمام الرباني بشأن القرآن ، وليعلم العالمون انه هو المحور الأصيل لشرعة الله حيث يجمع في دفتيه كافة الأصول العقيدية والفروع الأحكامية.
(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) :
(كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (١١ : ١) ـ (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) (١٢ : ١) ـ (المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) (١٣ : ١) (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ٢٩٩ ـ أخرج ابن مردويه عن أنس سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ..