فالأصل في الإتّباع هو إتباع المهتدي الهادي إلى الحق وللحق دون «من (لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى) وهو في الكتب القرآن العظيم ، وفي سائر الدعاة المعصومون الرساليون رسلا وخلفاء لهم معصومون ، ثم في زمن غياب العصمة الظاهرة هو القرآن بمن يتبناه ويفتي به من الربانيين الذين هم دون العصمة الربانية ، قاصرين فيما يخطئون غير مقصرين : (فَبَشِّرْ عِبادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولئِكَ الَّذِينَ هَداهُمُ اللهُ وَأُولئِكَ هُمْ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٣٩ : ١٨).
ذلك ورأس الزاوية هنا في (مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) هو الله تعالى شأنه العزيز إذ يهدي ولا يهتدي وهم قد يهتدون كالصالحين وقد ليسوا ليهتدوا كالطالحين وغير ذوي العقول والشعور ، ثم الذين يهدون بما اهتدوا يتبع الأهدى منهم ، فهم على هامش الهداية الطليقة الربانية ، وفي غيار (يَهْدِي لِلْحَقِ) الخاصة بالله إلى (يَهْدِي إِلَى الْحَقِ) لمحة للشمول ، فالهادي إلى الحق لا بد وأن يكون هاديا بذاته وهو الله ، أم مهتديا قبل أن يهدي كسائر المهتدين على درجاتهم ، حيث يحق لهم أن يهدوا قدر ما اهتدوا ، وأما الذي لا يهدي إلا أن يهدى فليس له أن يهدي قبل أن يهدى فيصبح أهدى من هاديه أم مثله في الهدى ، والمصداق الثالث ل (مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ) هو علي والأئمة من ولده المعصومين (عليهم السلام) وكما تواتر عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) مثل قوله : «علي مع الحق والحق مع علي» (١).
__________________
(١) ملحقات إحقاق الحق ٥ : ٢٨ ، ٤٣ ، ٦٢٣ ـ ٦٣٨ و١٦ : ٣٨٤ ـ ٣٩٧ ، وفيه ٥ : ٧٧ «بل هو مع الحق والحق معه» وفيه ٤ : ٢٧ : «إن عليا مع الحق والحق معه كيفما دار دار به» وفيه : «اللهم أدر الحق معه» (٤ : ٤٤١ و٦ : ٢٩٠ ـ ٢٩١ ، ٣٠٣ وج ١٦ : ٣٩٣ ـ ٣٩٦ و١٧ : ١٣٥ ـ ١٣٦ و٢٠ : ٥٨٤ ـ ٥٨٥ و٢١ : ٨٨ ، وفيه : «تكون بين الناس فرقة واختلاف فيكون هذا وأصحابه على الحق ـ يعني عليا (عليه السلام)» (٥ : ٦٣٥ ، و١٧ : ١٦٩ و٢١ : ٣٩٦.
وبالنسبة للأئمة كلهم قوله : «فإنهم مع الحق والحق لا يفارقهم ولا يفارقونه» ٩ : ٤٧٩ و «لا يزايلوه ولا يزايلهم» ٥ : ٣٦ و «معنا راية الحق من تبعها لحق ومن تأخر عنها ـ