فقد يجعل الله ما يتوارد عليه الحالتان فهو غير معصوم ، أم لا يتوارد له الا حالة واحدة كما القرآن ونبي القرآن ، فالعصمة لزامهما دون نكوب عن المنهاج ولا هوة الاعوجاج.
والقيم هو مؤكد القيام والقوام ، تعنيهما «قيّما» أيا كان ، قواما في نفسه إذ يهدي للتي هي أقوم ، وقياما في دعوته إذ يقوّم القاعدين ويستيقظ النائمين ،
في سائر القرآن لا نجد قيوما إلّا الله ولا قيما إلّا القرآن وقد يقرنان : (اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ) (٣ : ٢) فمن قيموميته نزل ذلك الكتاب القيّم ، فهو قيّم كما الله منزله قيوم ، باق يدوم ما بقي الدهر دون تحرّف او نسخ.
فالقرآن قيّم كما نبي القرآن ، والدين منهما وبينهما قيّم (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) (٣٠ : ٤٣) (رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً. فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) (٩٨ : ٣) (وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (٩٨ : ٥) وأقوم القيّم في هذا الدين والكتاب قمة التوحيد القيمة (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) (١٢ : ٤٠) وكما ينبو من الفطرة التي فطر الناس عليها ، (ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣٠ : ٣٠).
ثم «له» في الحال الاولى تعني «عبده» و «الكتاب» على البدل ، كما الجملة حال عن الإنزال ، فتعني : انزل (وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) : إنزال دون عوج ، كما ومنزل دون عوج : الكتاب ، ومنزل دون عوج «عبده» حال مثلثة عن ثلاث : إنزالا ومنزلا ومنزلا!
و «قيما» حال مربعة ، هذه ، والله ، فانه قيّم وإنزاله قيّم وكتابه قيّم وعبده قيم!