فأحاطوا بهما علما وقدرة ، فلهم الولاية إذا بما اشهدوا؟ ولكن الله ما أشهدهم! ولو أشهدهم لكانوا يعلمون غيب السماوات والأرض كما الله ، ام وغيب أنفسهم كما الله ، فكانوا قادرين عليهما وعلى أنفسهم كما الله ، حيث العلم التام هو القدرة التامة! وهي الولاية الإلهية على سواء.
ثم لو أمكن اعتضاده تعالى بعضد مستحيل في بعدين كالأول ، ام في بعد واحد كالثاني ، لكان يعتضد بعدول هادين دون المضلين (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً)!
ان الله تعالى يحيط بعض الشيء كإشهاد ثان بعض عباده شيئا من كونه او كله ، اراءة للملكوت ، وولاية جزئية دونما اعتضاد لنفسه ولا تخويل لهم ، ولكنهم هداة وفي قمة العبودية والعدالة ، وأما أن يتخذ المضلين عضدا (وَما كُنْتُ) منذ بدء التكوين (مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) ولماذا عضد لمن هو على كل شيء قدير (وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)؟ ولماذا المضلين وشأنه الرحمة والهداية؟!
إذا فأيّة ولاية إلهية بعيدة عن الشيطان وذريته في أبعاد عدة ، بعد الاستحالة في نفسه كما الإشهاد الاوّل ام في ساحة الربوبية كما الثاني!.
ثم (وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) كما هم أعداء الله ، فكيف يتخذهم عضدا ، اللهم إلّا لمزيد إضلال فيما الله يعجز عنه فيعتضد بالشيطان وذريته! فسبحانه سبحانه وتعالى عما يشركون!
فهل يتخذ الله من غير المضلين عضدا حتى يتخذهم وهم مضلون عضدا صيغة صائغة مجاراتا لأوهام المشركين لاستئصالها ببرهان مكين متين!
انه لا عضد لله يعتضد به ، وإنما له أولياء في شرعته بما أشهدهم إياها : ولاية شرعية ، دون ولاية تشريعية ، أن لم يشهدهم جذور مصالح