التشريع حتى يشرعوا بل هو الذي (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (٤٢ : ١٣) دون ان يخوّلهم تشريعا اللهم إلّا حكما بشرعته جماعيا وفرديا وفي كافة الحاجيات المختلف فيها بين الأهواء والعقول وفي مختلف الحقول!
واما ولاية التكوين ، فهي منحصرة في الله في أصلها : التكوين لا من شيء ، وقد يمنحها الله في فرعها : التكوين من شيء كآيات النبوات بقلة في إراءة الملكوت كإحياء الموتى فيما تطلّبه ابراهيم (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) (٣ : ٣٦٠) وبكثرة فيما هم فيها مظاهر لفعله كخلق الطير للمسيح فانه في جسمه باذنه ، وفي روحه باذنه ، دون تكوين للمسيح إلّا خلق الطين كهيئة الطير في صورة ، واما هيئته في حقيقته (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي) فضلا عن روحه (فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي) (٥ :) ١١٠) فانما هما من تكوينه تعالى لا تكوينه!
فلا ولاية إلهية هي من خلفيات العلم المحيط بالكون ، لأحد من خلقه ، اللهم إلا شرعية بما أوحى ، او تكوينية كاداة صورية لا حقيقية!
ثم ل «هم» في «أشهدتهم» و «أنفسهم» وجوه ثلاثة أخرى وما قدمناه أصح وأحرى.
١ ـ انهما راجعان الى من يتولون الشيطان وذريته في كل ما مضى من إشهاد وهو في نفسه صحيح ، لا لهم فحسب ، بل ولمن سوى الله ككل ، حيث ما أشهدهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ـ ولكنه لا يناسب (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) حيث المتولون هؤلاء لم يدّعوا كونهم أنفسهم أعضاد الله ، وانما الشيطان وذريته حيث يتولونهم كأنهم أعضاد لله!