عمران في التأويل : (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً ..) ـ (قالَ هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ ما لَمْ تَسْتَطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً)! (وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ) اللهم إلّا علام الغيوب ، أو من علّمه من علم ما كان وما يكون وما هو كائن كالرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته المعصومين!
ولان القرآن لا يذكر زمن هذه القصة ، أكانت في نبوءة موسى قبل رسالته؟ ام كانت في بداية رسالته ولما تنضج النضجة الكاملة بعلم التأويل ، ام في نبوته بولاية عزمة وفي قمتها ، إذا فكل محتمل ، مع العلم أنه كان يوحي إليه ، وإلّا فكيف عرف ذلك الموقف لمجمع البحرين و (قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ) ولا يأتي مثل هذا الغيب إلّا بوحي ، اللهم إلّا وحيا دون نبوءة كما (أَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ) فقد تكون هذه المصاحبة قبل نبوته ام فيها قبل رسالته ، ام فيها قبل ولاية عزمه ، ام وفي ولاية عزمه ، فعلى أية حال لا يبقى اشكال في كيف يتعلم موسى من خضر؟ فان ولاية العزم في الشرعة الظاهرة لا تلزمها الولاية الباطنة مهما تجتمعان في البعض من أولياء العزم كالرسول محمد (صلّى الله عليه وآله وسلم).
ولكن الرقابة على تكاليف الشرعية تنتج نورانية في الباطن ف (مَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) و (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) فكيف إذا كانت رقابة العصمة في ولي العزم ، فليعلم موسى من علم الباطن ما يعلمه خضر وسواه بل واكثر وأحرى ، فكيف يتطلب منه ان (تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً)؟
علّه لأنه كما علم الشريعة قد يحصل بتحصيل ، وقد لا يحصل إلّا بوحي ، فما كل متعلّم محاول للحصول عليه يوحى إليه ، كذلك علم الباطن منه ما يحصل بتلك الرقابة ، ورقابة العصمة أحرى وأجري