تصميمه القاطع ، عارفا صارما بوصوله عاجلا او آجلا الى ملتقاه في مجمع البحرين.
وهذه من السنن الحسنة مع رفقة السفر التابعين لك ان تعلن دون إسرار كالشمس في رايعة النهار مسيرك ومصيرك في سفرتك دون تحميل عليهم كما (قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ) دون «لا نبرح حتى نبلغ ...» وليجعل صاحبه في سعة من أمره إن شاء لزمه عارفا بالسفرة وان شاء تركه.
و «لا أبرح» يعني لا أزال سائرا مسافرا دونما انقطاع ، مما يوحي باهمية بالغة للهدف المرام ، اعدادا لفتاه إن شاء استعد على علم بهامة السفر ونصبه.
وليبلّغه مدى تصميمه مقصدا وزمنا لأقصى حدّه كما أبلغه (أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً)! و (مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ) هنا هو الغاية القصوى من السفر النصب وليجمع فيه بين بحري العلم الظاهر من موسى والباطن من خضر ، او بحري الرسالة الظاهرة والولاية الباطنة ، وكما قال له خضر في ملتقاه «إني وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت بأمر لا أطيقه».
فيما لمجمع البحرين من نبضات الحياة وومضاتها حيث الحوت المطبوخ الغذاء فيه يحيى (١)(فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) «وعجبا» وموسى الرسول يزداد حياة من علم الباطن إلى علمه الظاهر وكما الخضر يزداد علم الظاهر الى علمه الباطن.
(فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (٦١) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (٦٢) قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ
__________________
(١) في الدر المنثور في حديثه (صلى الله عليه وآله وسلم) عن القصة : فلما نزلا ومس الحوت الماء حيي فاتخذ سبيله في البحر سربا. وكما في أحاديث عدة ولا نجد في اي حديث أنه كان حيا.