ووكلت بأمر لا أطيقه» (١)
موسى الرسول (عليه السلام) بعد ما يتحمل أعباء السفر ووعثاءه ليلقى الخضر ، تراه كيف يحترمه ويتأدب عنده ، وهو رسول إليه في الشرعة الإلهية ، وولي عليه ، وان كان الخضر علّم من علم التأويل ما لم يعلمه موسى فليكونا ـ لأقل تقدير ـ على سواء!
ولكنه يعلمنا أن المتعلم أيا كان عليه في سبيل التعلم من أيّ كان ان يحترمه ويتأدب لديه : (هَلْ أَتَّبِعُكَ ..)؟ دون ان تأخذه طنطنة الأعلمية الرسالية فيقول : «اتبعني آخذ عنك مما عندك ،» او يتنزل شيئا : «أتبعك ..» ولكنه قال : «هل اتبعك .. استيئذانا منه في اتباعه تعلما ، حال أنه رسول الله ، وقد أمره الله ان يتعلم مما عنده!
«اتبعك» اتباعا لأمرك في سبيل التعلم ، ومتابعة لك أينما تذهب ، دونما استقلال أمامك فاستغلالك لصالح التعلم ، وانما «أتبعك» إن تسمح لي ، تواضعا مضاعفا أمام المعلّم مهما كان المتعلم إمامه في شرعته وهو يقتضي كونه متبوعا او مساويا ومستقلا بجنبه لا تابعا ، ولكنه في مقام التعلم يتأدب هكذا!
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٧ ح ١٢٨ ـ القمي حدثني محمد بن علي بن هلال عن يونس قال : اختلف يونس وهشام ابن ابراهيم في العالم الذي أتاه موسى (عليه السلام) أيهما كا اعلم وهل يجوز ان يكون على موسى حجة في وقته وهو حجة الله عز وجل على خلقه؟ فقال قاسم الصيقل : فكتبوا الى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يسألونه عن ذلك فكتب في الجواب أتى موسى العالم فأصابه في جزيرة من جزائر البحر فاما جالسا واما متكئا فسلم عليه موسى فأنكر السلام إذا كان بأرض ليس فيها سلام قال : من أنت؟ قال : انا موسى بن عمران ـ قال : أنت موسى بن عمران الذي كلمه الله تكليما؟ قال : نعم ـ قال : فما حاجتك؟ قال : جئت لتعلمني مما علمت رشدا ، قال : انى وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت بأمر لا أطيقه.