بخصوصها كانت مقصودة للخضر كأوّل المطاف في هذه الرحلة ، فلم يقل «سفينة» كما وأن «إذا» تؤيد هذه المعرفة المستبقة عن السفينة ، فهما إذا في هذه الرحلة المدرسية «في السفينة» يتابعان واجب التعليم والتعلم! ـ
«خرقها»! مسافر باجرة ام دون اجرة (١) ولا يملك السفينة وحتى لو ملكها «خرقها»؟ أمر امر : داهية عظيمة ، تستقبل موسى بداية الأمر! لن يستطيع موسى امامه صبرا فيبتدر في اعتراض : (قالَ أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها) كغاية يخلفها خرقها وان لم يقصد به غرقها ولكنه حسب العادة يعرف غرقها بخرقها! (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً إِمْراً) حكم على أمره بإمره في تأكيدين : «لقد» حيث الإمر وهو الداهية العظيمة هناك ، كان إمرا من جهات عدة أعظمها الذي ذكره كغاية كأنها المقصودة فقط : (لِتُغْرِقَ أَهْلَها) وفيه ضمن أهلها غرقهما ، وفيه ـ لأقل تقدير ـ تصرف ضار في مال الغير ، فلان تعريض الغير ولا سيما جماعة الى الخطر أنكر من تعريض النفس كما هو أنكر من إتلاف المال ، لا يأتي هنا من إمر أمره إلّا (لِتُغْرِقَ أَهْلَها) حيث الخرق كان لحد الغرق.
__________________
(١) الدر المنثور في حديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) عن القصة «فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم فعرفوا. الخضر فحملوه بغير نول فلما ركبا السفينة فلم يفجأه الا والخضر وقد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم فقال له موسى قوم حملونا بغير نول عهدت الى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها لقد شيئا امرا ... قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) كانت الاولى من موسى نسيانا قال وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر ما علمي وعلمك من علم الله الأمثل نقص هذا العصفور من هذا البحر.
وفي نور الثقلين ٣ : ٢٧ ح ١٥١ في تفسير العياشي عن عبد الرحمن بن سيابة عن أبي عبد الله (عليه السلام) وساق القصة الى قوله (عليه السلام) فانطلقا حتى انتهيا الى معبر (سفينة) فلما نظر إليهم اهل المعبر قالوا : والله لا نأخذ من هؤلاء اجرا اليوم فحمل عليهم فلما ذهبت السفينة وكثرت الماء خرقها ...