لقد كان موسى (عليه السلام) هنا معذورا في اعتراضه بلفظة قاسية ، ويعذره موقفه الرسالي من ناحية ، وعلّه لم يدر ان خرق السفينة هو من موارد تعليمه ومواده من اخرى ، حيث تعود التعلم بوحي الشرعة قولا ، وامّا ان عملا ما كهذا داخل في التعليم فلم يتعوده رساليا ، ففوجأ هنا بالخرق الغرق فانبرى غضبانا أسفا (أَخَرَقْتَها ... إِمْراً)؟!
سفينة تحملهما بركاب لها وهم وسط اللجة تلعب بها في جزرها ومدها ، ثم يأتي عبد الصالح في رحلة تعليمية لموسى الرسول (عليه السلام) فيخرقها ليغرقها وأهلها ، انها طامة كبرى وداهية عظمى تغطي على موقف المعلّم وما وعده موسى (سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ صابِراً) ولكن كيف يشاء الله صبرا في مثل هذه الداهية ، فحق له أن ينسى ما وعده وإن لم يستثن وقد استثنى! ثم العبد الصالح لا يزيد على ما بدء.
(قالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)(٧٢) : وهذه اوّل خطوة في رحلتنا ما صبرت معها ، وكما قلت لك بداية الرحلة ، وما هي الفائدة في تعليم لا تتوفر شروطه ولن :!؟ إذا فاتركني وشأنك وشأني ، ام حاول لإحالة ظاهر الحال الإمر إلى باطن الأمر بصبر هو مفتاح الفرج!
(قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً)(٧٣) فانما نسيت وعدك دون تقصير ، بل نسيان او تناس واجب بظاهر الشرع فترك ذلك النسيان عصيان ، فلا تؤاخذني! (وَلا تُرْهِقْنِي) : لا تغشني بقهر في تكليف التكلّف ألّا أنسى ومن حقي أن انسي أو أتناسى (لا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي) تعلما في هذه الرحلة العسيرة «عسرا» على عسرها ، فان لم اصبر أنا ولن .. فاصبر أنت إذا ، ولكي ننهي أمرنا على إمره ، فلا تزد إمرا على إمر وعسرا على عسر! والتكليف في عسر مرفوض في ظاهر الشرع ف (لا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً)!