ولو كانت لهذا المعلم ولاية مطلقة إلهية على ذلك المتعلم كان عليه التسليم المطلق ، ولكنما الولاية المطلقة هناك انما كانت لموسى (عليه السلام) على خضر (عليه السلام) وهو من أمته ، فكيف يستلم له في رحلته وان كان وعده متابعته واتباعه ، ولكنه استثناها بمشيئة الله في بعديها ، وهذه تختلف في بعد المشيئة التشريعية عن المتابعة المطلقة لمن له الولاية المطلقة كأنبياء الله وأضرابهم ، والبعد التكويني في استثناء المشيئة كائن أيا كان ولأي كان وكما الرسول (وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ).
لذلك لا يستسلم موسى أمام الخضر إلّا على ضوء ظاهر الشرعة الإلهية مهما بلغ في رحلته من رهق الصعوبة او الحرمان.
(قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً)(٧٦).
إن المرة الثالثة بعد الأولى والثانية هي آخر المرات وليست آخر الخطوات ، ولكنك لا تحملني وأنا لا أحملك لاختلاف المعيارين ، ف (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها) وأحاول ألّا اسأل (إِنْ شاءَ اللهُ) ـ (فَلا تُصاحِبْنِي) استمرارا في هذه الرحلة ف «قد بلغت» إذا (مِنْ لَدُنِّي عُذْراً) حيث أعذرك في ترك الصحبة إذ لا تتحمل سؤالي قبل ان تحدث لي جوابا ، ولكنني اتحملك في تأجيل الجواب مهما لا اتحملك عن تعجيل السؤال ، والفرق لائح من (قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي) دون «قد بلغت عذرا من لدني ولدنك»! فحيّاه إلى المشهد الثالث والأخير.
(فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)(٧٧).
خطوة ثالثة وهي الاخيرة من تلك الرحلة المدرسية هي أخف وطأة من