او ان حكمه لم يكن بتا حيث احتمال البراءة قائم ، فانما حكم شرط كونها (نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ) وإذا (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً).
ولماذا يذكر موسى مسوغا واحدا للقتل (بِغَيْرِ نَفْسٍ) ان قتل النفس إنما يجوز بنفس؟ علّه لأنه المسوغ الأصل لقتل النفس قصاصا ثم يلحقه غيره من فساد في الأرض ام ماذا (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) (٥ : ٣٢) نقلا قرآنيا عن ذلك الحكم في التوراة!
او ان «زكية» تلمح الى سبب عام في هدر الدم ، انها كافرة بارتداد إمّا ذا ، ام مفسدة في الأرض؟ وقد أجمل عن أسباب اخرى كهذه حيث الغلام بعيد عنه إفساد على غلمته!
فإذا كانت المرحلة الاولى من هذه الرحلة خرق السفينة واحتمال غرق من فيها ، ففي الثانية «قتل نفس زكية بغير نفس» امر نكر لا يستطيع موسى أن يصبر عليه ، فقد يستنكر هنا دونما نسيان ، وكما لم يعتذر كالأولى (بِما نَسِيتُ) وانما (إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي ..) دونما تأول سبب يعتذره ـ
هنا ـ وبعد هذا السؤال العضال ـ يردد المعلم تنديده الأديب.
(قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً)(٧٥).
كما مضى دون زيادة إلّا «لك» اقل لك موسى الرسول كليم الله متابعي في هذه الرحلة ، لك لا سواك ، لك مرتين : قبل الرحلة وعند الخطوة الاولى (إِنَّكَ لَنْ ..) كمستحيل عليك ان تستطيع معي صبرا ، حيث «وكلت بأمر لا تطيقه ووكلت بأمر لا أطيقه» فكما لا تطيق أنت معي صبرا بحكم الشرعة الظاهرة ، كذلك أنا لا أطيق على سؤالك صبرا بحكم الشرعة الباطنة!