الخرق كما فعل ، ولكنما القتل واقع لا يجبر بشيء ، فانبرى موسى نبرة أشد من الأولى ناسيا وعده هنا وكان أحرى إذ يرى نكرا بعد ما رأى إمرا (قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً).
ترى وكيف عرف ان الغلام نفس زكية ، أو أن قتله كان بغير نفس؟ أكانت زكية حيث الغلام لائح في غير البالغ ، وهو نفس زكية على أية حال حيث كونه مرفوع القلم حتى وان قتل نفسا فالدية إذا على العاقلة دونه.
ولكن فرض الدية على العاقلة لا يجعل القاتل غير البالغ زكيا وغير قاتل ، وان لم يجز قتله حيث القلم عنه مرفوع!
أو أنه كان بالغا والغلام من بلغ حدّ الغلومة والشبق بالغا وسواه ، وقد نتبلّغ بلوغه هنا من (بِغَيْرِ نَفْسٍ) اللائح في تجويز قتله بنفس ، ومن ثم الجواب في تجوز قتله بكفره المرهق (فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً) والكفر المرهق الطاغي مما يفرض القتل فانه فتنة وفساد كبير (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) فانها قتل لنفوس مؤمنة لايمانها!
وكيف عرف موسى انه نفس زكية دون معرفة عنه مسبقة ، وانه لم يقتل نفسا او لم يأت بما يهدر دمه؟ علّه لأنها كانت لقياه الاولى ، والأصل في كل نفس كونها زكية غير كافرة ، وانها لم تقتل نفسا ، أو انها زكية عن قتل الغير ان كانت اللقيا في ارض كافرة ، ف (بِغَيْرِ نَفْسٍ) تأكيد لكونها زكية ، وأصل البراءة حكم من ظاهر الشرع يحكم بهذه وتلك ، إلّا ما خرج بدليل ، ولا دليل على خلافه حاضرا في هذه اللقيا ، وموسى (عليه السلام) رسول وامام يحكم بظاهر الشرع : (لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً) : يستنكره كل عارف بموقفه!
__________________
ـ من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذا ابصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده فاقتلعه بيده فقتله فقال له موسى ... وهذه أشد من الاولى ..