لا نسطع في هذا المجال الخاصر الحاصر ان نستعرض كل المعارضات بين الوسائل والغايات من الفقه كله ، فنحشر الفقه لنحشركم على حافة من المسرح العام ، فليتبع وفي كلّ ضابطته علما بان الغاية ليست لتبرر الوسيلة كضابطة عامة ، فقد تبرر بضابطة وقد لا تبرر بضابطة ، فليست هي إذا ضابطة وانما السلب والإيجاب لتبريريها حسب الضوابط المقررة في مجالاتها.
ومن أهم السياسات الحفاظية على الصالحين كسرهم عند من يريد كسحهم حتى لا يبيدهم وكما فعل الامام الصادق (عليه السلام) بزرارة معتذرا إليه في تعييبه إياه موضحا له موقفه قائلا له «يرحمك الله فانك والله أحب الناس إلي وأحب أصحاب أبي إلي حيا وميتا فإنك أفضل سفن ذلك البحر القمقام وإن من ورائك لملكا ظلوما غصوبا يرقب عبور كل سفينة صالحة ترد من بحر الهدى ليغصبها وأهلها فرحمة الله عليك حيا وميتا ورحمته ورضوانه عليك ميتا (١).
وفي دوران الأمر بين المهم والأهم لا بد من تشخيص ذلك من اجتهاد او تقليد كما يصح : دون الهوسات والتصورات السطحية الخاطئة ، حيث
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٢٨٥ ح ١٦٣ في كتاب تلخيص الأقوال في تحقيق احوال الرجال في ترجمة زرارة ابن أعين روى في الصحيح ان أبا عبد الله (عليه السلام) أرسل اليه انما أعيبك دفاعا مني عنك! فان الناس والعدو يسارعون الى كل من قربناه وحمدنا مكانه لادخال الأذى فيمن نحبه ونقربه ويذمونه لمحبتنا له وقربه ودنوه منا ويرون إدخال الأذى عليه وقتله ويحمدون كل من عبناه فانما أعيبك لأنك رجل اشتهرت بنا ويميلك إلينا وأنت في ذلك مذموم عند الناس فيكون ذلك دافع شرهم عنك لقول الله عز وجل (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) هذا الرسل من عند الله صالحة ، والله ما عابها الا لكي تسلم من الملك ، فإنهم المثل يرحمك الله فانك والله أحب الناس اليّ واصحاب أبي الي حيا وميتا فانك أفضل سفن ذلك البحر القمقام وان من ورائك لملكا ظلوما غضوبا يرقب عبور كل سفينة.