هي غاية للحياة عليها ولا باقية وإنما «متاع قليل ثم إلينا يرجعون»!
فلما ذا (زِينَةً لَها) معاصرة للعائشين عليها دائرة؟ (لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)! ابصارا لها فإخلادا إليها او ابصارا بها فزهدا فيها! «ليبلوكم أيكم احسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرعكم في طاعة الله» (١) حيث العاقل ينظر الى هذه الزينة الفانية إبصارا بها الى ما وراءها ، لا إبصارا إليها كغاية قصوى ، فهو إذا فيها ورع عن محارم الله سرع في طاعة الله! لا هلع ولا هرع في زينتها! ولماذا (أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً)؟ وهم القلة القليلة ، لا «أسوء عملا» وهم الكثرة الكثيرة؟ لأن الهدف الرئيسي من البلاء بزينة الحياة الدنيا هو التسابق في حسنات الأعمال مهما قل أصحابها ، دون سيئاتهما مهما كثر أصحابها.
ومن آيات اندثارها واندحارها (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً).
الصعيد هو المرتفع الصاعد حيث تصبح الأرض بما عليها يوم قيامتها كتلة مرتفعة كلها ، «جرزا» لا نبات فيها (٢) ، قاحلة لا ماء فيها ولا كلاء : (فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً. لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً)(٢٠ : ١٠٧).
فالجرز مأخوذ من «ناقة جروز» إذا كانت كثيرة الأكل لا يكاد لحياها
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢١١ اخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في التاريخ عن ابن عمر قال : تلا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) هذه الآية : «لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ـ فقلت : ما معنى ذلك يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم)! قال ..
(٢) في تفسير القمي في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى : «صَعِيداً جُرُزاً» قال : لا نبات فيها.