الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ ، أُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ. لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (١١ : ٢٢) (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ. أُوْلئِكَ الَّذِينَ لَهُمْ سُوءُ الْعَذابِ وَهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) (٢٧ : ٥)
هؤلاء وهؤلاء من الأخسرين في الآخرة ، ومنهم من لم يخسر دنياه ، فليس من الأخسرين اعمالا في النشأتين إلّا في الأخرى ، فاما الذي ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعا فقد خسر الاولى كما الاخرى وقد تكون خسراه في عقباه أقوى حيث هو في أولاه أغوى.
لا أخسر مطلقا في سائر القرآن إلّا هنا وفيمن كادوا بإبراهيم (وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) (٢١ : ٧) ولكنهم الأخسرون في الآخرة كالأوّلين ، وفي دنياهم في الكيد الذي كادوا به إبراهيم وهم في سائر دنياهم رابحين.
لآية الأخسرين مصاديق من ضلّال أهل الكتاب والمسلمين ـ الغارقين في ثالوث الضلالة في الدنيا والدين ك «الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في السواري» (١) وكفرة أهل الكتاب المبتدعين (٢) «ولا أظن إلا أن الخوارج منهم» (٣) وكل من يتقشف فيما يظنه شرعة أهلية وهو خطر على الدين والدينين.
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٥٣ ـ اخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي خميصة عبد الله بن قيس قال سمعت علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول في هذه الآية انهم ..
(٢) نور الثقلين ٣ : ٣١٢ ح ٢٥٠ في كتاب الاحتجاج عن الأصبغ بن نباتة قال ابن الكوا لأمير المؤمنين (عليه السلام) اخبرني عن قول الله عز وجل : «الآية» قال : كفرة اهل الكتاب اليهود والنصارى وقد كانوا على الحق فابتدعوا في أديانهم وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.
(٣) الدر المنثور ٤ : ٢٥٣ ـ اخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم ـ