وتسلية لخاطره الأقدس تنزل عليه سورة الضحى (.. ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى ..) وإنما احتباس الوحي كنفس الوحي وجهة من التربية الربانية.
فلقد كان الرسول زمن الاحتباس في حالة مزرية مضرعة مريبة ، إذ بدر الوحي الحبيب من الحبيب مسليا خاطر الحبيب ومربيّا له (أَمْ حَسِبْتَ ... وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً) وهذا في أخريات القصة لكيلا يفاجأ في بدايتها بنص التنديد ، اللهم إلّا تلميحا مليحا مريحا : (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً)؟
لا تحسب انها عجب وفي آياتنا ما هي اعجب ، فأنت بقرآنك ورسالتك في قمة العجب (١) ولذلك تفتتح السورة بما افتتحت تقييما للكتاب ونزوله ومنزله «قيما» من منزّله القيّوم فحمدا له كل الحمد (٢)!.
ترى ومن هم اصحاب الكهف والرقيم ، هل هم أصحاب الكهف وآخرون اصحاب الرقيم ، وقد أهمل عن ذكر الآخرين؟ وهذا خلاف البلاغة في أدناها فضلا عن أعلاها! فهم جماعة واحدة تعرف بالكهف والرقيم.
ثم الكهف معروف فما هو الرقيم؟ إنه المرقوم وعلّه على باب
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٣١٢ ـ اخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في آية العجب : يقول الذي آتيتك من العلم والسنة والكتاب أفضل من شأن اصحاب الكهف والرقيم وبنفس روا من مجاهد كانوا بقولهم ١ عجب آياتنا ليسوا بأعجب آياتنا.
(٢) لم يكن ذلك الحسبان من الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) بل ممن سألوه فهو من باب إياك أعني واسمعي يا جاره ، فقد كان الرسول يعيش أعجب آيات ربه ومنها نفسه المقدسة بقرآنه وسنته!.