يستطع أن يكلمهم ففهموا أنه قد رأى رؤيا في الهيكل فكان يؤمي إليهم وبقي صامتا» (٢١).
وقد اقحم في هذه الآيات ما يمس من كرامة الرسالة فتعرض عرض الحائط ويصدق ما يصدقه القرآن وسائر البرهان.
و «ألا تكلم الناس ـ ثلاث ليال او ثلاثة ايام سويا إلا رمزا» آية تامة الهية تدله على ما يروم ، فقد يكون ترك الكلام لعقدة في اللسان ام لأي مرض كان ، وهو يقول «سويا» : حال أنك سليم ولو كان لمرض يمنع لم يقتسم بين ناس وسواهم وهو يقول (أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ) فقد يكلم الله ويكلم ملائكة الله كما كان ، لكنه يعجز في وقته المحدّد أن يكلّم الناس «إلا رمزا» ويومر أن يذكر ربه (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ)!.
وترى كيف الجمع بين ثلاث ليال ، تجمع مع نهارين ، وثلاثة أنهار ، وثلاثة ايام أليست إلا ثلاثة انهار بلياليهن ام ليلتين؟ ولم يكن الحد الزمني لآيته إلا إحداهما!.
ثلاثة ايام نص في ثلاثة انهار ظاهر في ثلاث ليال. وثلاث ليال نص ـ في لياليها الثلاث وظاهر في ثلاثة انهار ، ونتيجة الجمع بين النصين والظاهرين هي ثلاثة ايام بمجموع أنهارها ولياليها ، واستعمال ثلاث ليال في المجموع سنة مستمرة ، وقد يعني الإتيان بالليالي إبرازا لأهميتها في هذا المجال ل (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ).
ثم «إلا رمزا» سماح له أو أمر لتوجيه الناس الى تسبيح الله :
(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا)(١١)
ذلك ـ وليعيشوا في جو النور الذي أمر أن يعيشه ، تحضيرا للبشارة