السلطات الطاغوتية في المدينة ، فان كانت السلطة باقية ف (لْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً) : والظاهر انها باقية باغية! وإن لا ، فلا حائطة ولا تقية!
ترى وماذا يحملهم ان يبعثوا أحدهم بورقهم ليأتهم برزق من المدينة وهم يحذرون ان ينكشف أمرهم؟ فهلا صبروا على جوع حفاظا على أنفسهم جميعا! وهم يعلمون (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً) وإنها للخسارة الكبرى!
علّهم وصلوا من الجوع لحد لا تصبّر عليه إلّا الموت صبرا ، فهم إذا بين موت معمّد جماعي قاطع ، وبين تعريض واحد منهم لخطر يحتمل ، وهو طبعا ممن يتستر في أمرهم ويستّرهم دون إشارة إليهم مهما بلغ أمره ، حيث التلطّف هو التخفي الكامل ، ومن ثم لو عرفوه فلا يتجاوز نفسه إليهم : (وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً).
راى صائب ثاقب حصيلة شورى بين هؤلاء الأكارم القائلين : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) فيه كل حائطة على المبعوث بورقهم وعليهم ، تتبين من (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً) أيّ المدينة ازكى .. حيث يحمل سيرا رفيقا حثيثا في المدينة يتعرف فيه إليها والى أهليها ليطمئن إليها هل هي كما كانت فحذرا ، ام تغيرت الى الايمان فأمانا ، ومن ثم ليحصل على أزكى طعام فيها إذا ظلت في إشراكها بالله ، فليس لموحد ان يتطعم من مشركين طعاما يحلّلونه خلاف شرعة الله ، واما عند الضرورة (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً) تقليلا لرجاسة الطعام الشركية كتقليل الطعام لبلغة الحياة : فالضرورات تبيح المحظورات وتقدر بقدرها!
ومن جهة اخرى فالأزكى طعاما من المدينة هو الأزكى أخلاقا فلا يتجسس عن خبايا الناس ، ولا يتحسس لصالح الطاغوت مهما كان مستضعفا في حكم الشرك ، فهذه ابعاد ثلاثة من المصالح في (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً ..)!.