ويقطع دابر الباطل بمرونة وليونة ، بمطالبة الدليل ، فإذا لا دليل فلا مدلول ، حيث المدعي لشيء بحاجة الى دليل دون النافي سنادا الى عدم الدليل.
كما الرجم بالغيب محظور في قياس وسواه ، فآية الرجم ترجم القياس في الأحكام وأحرى من القياس كل ظنة في غير الأحكام ، وكما الآيات الحاصرة كل اتباع بعلم او أثارة من علم ، الحاذرة كل اتباع بغير علم إلّا إذا كان مسنودا إلى علم.
(وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ وَقُلْ عَسى أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً)(٢٤).
موضوع النهي هنا (إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً) استقلالا للمشية فيما يعده الإنسان ويريده في مثلث من التأكيد : «اني ـ فاعل ـ غدا» تحديدا لزمن الفعل وتأكيدا ذا بعدين في أصله ، ف «إن» توكده و «فاعل» الدالة على الثبات تثبته ، واما ان يقول «سأفعل غدا» ام «سأفعل» او «افعل» على مختلف مراتب التحتم في هذه الثلاث نازلة ، فالنهي لا يشمله ، اللهم إلا ان «لا تقولن» تنهى مؤكدا عن هذه الصيغة المؤكدة ، فيبقى النهي دون تأكيد في هذه الثلاث متدرج النزول ف «لا تقولن ـ ام ـ لا تقل ... إلا ان يشاء الله».
فلا يعمه (صلّى الله عليه وآله وسلم) لا تصريحة النهي المؤكد إذ لم يقل (إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً) ولا نهيه دون تأكيد في الثلاث الاخرى إذ لم يقل : سأفعل او افعل ، وانما تلميحة في خامسة الأضلاع «تعالوا غدا» وحسنات الأبرار سيئات المقربين!
ف (لا تَقُولَنَّ ...) مهما شملت رسول الهدي ، ليس إلا نهيا في تصريحته ألّا يفعل ، لا انه فعل وهنا ينهى.