(وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ وَجَعَلْنا بَيْنَهُما زَرْعاً (٣٢) كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً)(٣٣):
(وَاضْرِبْ لَهُمْ) لقبيل الايمان والكفر ، أهل الجنة والنار «مثلا» يمثل حالتهم وحوارهم وجوارهم ، مبدأهم ومنتهاهم ، كنموذجين في مسرح الحياة لطغوى النفس وتقواها ، نفس فقيرة مفتقرة الى الله ، ونفس ثرية مستغنية عن الله ، هذه تذهله الثروة وتبطره النعمة فينسى نفسه وينسى الله ، وتلك مؤمنة معتزة بإيمانه ذاكرة لربه راضية بقضائه ، ماضية في قضاءه ، حيث يذكر الله ويذكر نفسه انه عبد مفتقر الى الله!
والقرآن يقص القصص الحق من حاق التأريخ وحقه قصّا صالحا عما سبق ، وتذكيرا بها صالحا فيما يلحق ، دونما اختلاف لقصص لا أثر عنها في التأريخ ، ام تاريخية لا تأثير لها تربويا في إبناء التأريخ.
وها هي قصة الجنتين ، لهما ميزات اربع تجعل لهما جمالا راقيا وثمرا رابيا :
(جَعَلْنا لِأَحَدِهِما جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ) كأنها جمع يلمح بمختلف الأعناب ، فلو لا هذه اللمحة لكانت «من عنب» جنسا ، لا جمعا : «أعناب»
(وَحَفَفْناهُما بِنَخْلٍ) حفاظا على الأعناب ، وتجميلا للجنتين ، وردفا لما يثمر كثمرها ، غذاء وإداما وشرابا ، وعلّ النخل كأعناب تعني مختلف النخل حيث تأتي مفردة : (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) وجمعا : (وَالنَّخْلَ