ولماذا قصة الكهف بين قصصها تختص اسم السورة بنفسها؟ لأنها كهف لمن يفر بدينه ، كهف للمتمسكين بالتوحيد ، المستقيمين فيه ، المحافظين عليه ، والتوحيد هو حجر الأساس فيما يتبناه القرآن في سوره كلها ، فلتكن هذه كهفا بينها.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً (١) قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (٢) (الْحَمْدُ لِلَّهِ) تستغرق كل حمد من كل حامد ولكل محمود فتحصره في الله ، لأنه الله ، وتحسره عمن سوى الله لأنه سوى الله ، ثم لأنه (رَبِّ الْعالَمِينَ) كما في فاتحة الكتاب ، ربوبية تكوينية وتشريعية للعالمين ككل ، وهنا لأنه (أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) فانه كأنه هو ربوبيته كلها ، فانه الغاية القصوى من خلق الكون بمن فيه العالمون ، فالحمد لله لأنه (أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) كالحمد لله لأنه (رَبِّ الْعالَمِينَ)!
و «انزل» اللّامحة بنزول دفعي كما التنزيل هو التدريجي ـ لا يعني هنا نزوله في ليلة القدر حيث الغاية المعنية هنا (لِيُنْذِرَ .. وَيُبَشِّرَ) لا تناسب إلّا تفصيل الكتاب المنزل ، اللهم إلّا اعتبارا للكتاب المفصل أمرا واحدا طيّا عن طول الزمان وعديد النزول ، بل «الكتاب» ككل.
ولماذا «على عبده» لا محمد ولا الرسول؟ علّه للتدليل على الشرط الأصيل في ذلك الإنزال التنزيل وهو العبودية القمة ، فبإنزال الكتاب على عبده تحصل الرسالة!.