ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)(٤٠)
ان تزويج زينب بنت جحش من زيد بن الحارثة ومن ثم تزويجها من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحمل بعدين عميقين من أبعاد التربية الاسلامية ، فأول البعدين هو تحطيم الفوارق الطبقية وحتى بين الأحرار والعبيد ، فيزوج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مولاه زيدا من شريفة بني هاشم بنت عمته ، ليسقط هذه الفوارق أولا بنفسه وفي أسرته ، ثم يتزوجها هو (صلى الله عليه وآله وسلم) ليحطّم عمليا سنة التبنيّ وحرمة الزواج بحليلة المتبنى ، ولم يكن ليكتفي في تحطيم هذين الصرحين الجاهليين بالقول فقط ام فعل من غيره ، فليدخل هو بنفسه في الميدان ليؤتسى به في الامة الاسلامية مع الأبد.
ان الله يقضي امر الزواج بين زيد وزينب لتقرير مبدئين جديدين في الأمة ، ولكن زينب يخلد في خلدها شيء من ذلك الزواج قائلة له (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد ما خطبها لزيد : «او امر نفسي فانظر» (١) فانزل :
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٢٠٠ ـ اخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) انطلق ليخطب على فتاه زيد بن حارثة فدخل على زينب بنت جحش الاسدية فخطبها قالت لست بناكحته قال : بلى فأنكحيه قالت : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوامر نفسي فبينما هما يتحدثان انزل الله هذه ـ