معاملة التهاتر بعملة الوعد الكذب ، ما لو كان صادقا لكان صادا للدعوة الإسلامية لفترة ، مما يدل على تسرّب المصلحية السياسية في هذه الدعوة فتبوء بالفشل والخسار والدمار ، فظاهره فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب!
فلذلك «يا ايها ..» لا «يا» فقط أو «أيها» تدليلا على خطورة المنادى له وتنبيه المنادى.
أترى أن النبي كان متلبسا بطاعة الكافرين والمنافقين حتى يتقيها؟ كلّا والتقوى هي الابتعاد عن المحظور ، وأصلها ما لم يتلبس وهو على أشرافه ، وأوامر الله ونواهيه الموجهة إلى شخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تنقسم إلى تشريعية لو لولاها لم يعرف النبي إيجابا او تحريما ، كالأحكام التعبدية غير الضرورية ، وإلى تأكيدية فيما هو ضروري معلوم ك ـ (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) و (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) وإلى سياسية ظاهرها غير باطنها فهي تنبيهية كهذه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ ...).
«اتق الله» للنبي التقي في القمة ، تنبيهة لاستمرارية التقوى ، ولتقوى تقواه كل حين أقوى مما مضى ، فلانه يزداد علما (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) فليزدد على ضوءه وتباعا له تقوى : (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) وليس لذلك اليقين حدّ يقف عليه ، فلا وقفة لعبادته وتقواه ، ثم للتقوى واجهتان : أن تتقي بنفسك عن الحق وهو الاتقاء بإسناد النقائص كلها إليك عن إسنادها ـ أيا كان ـ إليه ، فتجعل نفسك وقاية له تعالى.
__________________
ـ الله عليه وآله وسلم) الى ان يرجع عن قوله على ان يعطوه شطر أموالهم وخوفه المنافقون واليهود بالمدينة ان لم يرجع قتلوه فانزل الله (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ)
أقول : هذا يناسب جوّ مكة وقد مضى ، واما المدينة فلا يناسبها هذا الاقتراح وقد يئسوا من تطميعه بمال او منال!