أو تتقي بالحق عن نفسك وهو الاتقاء بإسناد الكمالات كلها إليه تعالى عن إسنادها إليك فتجعله وقاية لك ، وهما كمال التقوى أن تتخلى عن كلما يختص بالله وتخلّيه تعالى عن كلما تختص بك ، وكلما وراءهما طغوى بدركاتها ، كما هما تقوى بدرجاتها.
وأما «لا تطع» فهو متكرر له في الذكر الحكيم ، نهيا عن المسايرات السياسية فيما ظاهرها مصلحة ، لولا العصمة الإلهية لتفلت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالتفاتها (وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ وَدَعْ أَذاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (٣٣ : ٤٨) لا تؤذهم وإن يؤذوك ، ولا تطعهم وعد ألّا يؤذوك! (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً) (٧٦ : ٢٤) (فَلا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ. وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (٦٨ : ٨) (فَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَجاهِدْهُمْ بِهِ جِهاداً كَبِيراً) (٢٥ : ٥٢) (وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا وَاتَّبَعَ هَواهُ وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) (١٨ : ٢٨) وعلى الجملة :
(وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) (٦ : ١١٦) كل ذلك نهي عن طاعتهم ولمّا يقترف ، ولكي يبقى مفارقا غير مقارف ، وكل ذلك في التلبيسات السياسية التي تزلّ فيها الأقدام ، والله يعصم رسوله فيها عصمة كاملة كافلة للدعوة الرسالية المعصومة العاصمة للأمة!
إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قطعا لم تخلد بخلده لهم طاعة ، ولم تحصل في أي من هذه الموارد ، فالنهي تأكيد للترك ، والتداوم على الترك ، ولكي يسمع الكافرون والمنافقون الطامعون طاعته ، يسمعوا تحذيره من الإذاعة القرآنية فيتركوا اقتراحاتهم التي تشق عليه وتؤذيه! «لا تطع ..» ل (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً) بك وبهم «حكيما» بما يصلح لك كرسول ، وعليهم كمتربصي الدوائر بالرسالة والرسول ، فالله