فانما «زوجناكها» لسياسة رسالية : «لكيلا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم إذا قضوا منهن وطرا» قضاء على سنة عريقة جاهلية هي حرمة حلائل الأدعياء اعتبارا انهم أبناء (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) ما كان ليقضى عليها إلّا عملا جاهرا من الرسول نفسه وقد فعل بأمر الله (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً).
فقد قضى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) على جاهلية الفوارق الطبقية في بعدي تزويجه شريفة بعبد ، ثم تزويج زوجة عبده لنفسه ، ومن ثم جاهلية حرمة حلائل الأدعياء قضاء على كونهم أبناء ، ولم يكن إبطال هذه الآثار الواقعية في حياة المجتمع ليمضي بسهولة ، حيث التقاليد الاجتماعية اعمق أثرا في النفوس من أن تزول بسنّ القوانين المجردة ، إلا أن يسنها ويطبقها الرسول عمليا في نفسه ، ويواجه المجتمع بهذه العملية الصارمة التي لا يستطيع أحد ان يواجه بها ذلك المجتمع الصلد العارم!
يأتيه (صلى الله عليه وآله وسلم) زيد مرة بعد اخرى يشكو اضطراب حياته الزوجية ، والرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يحمل امر الله في تزويجها لنفسه ، ولكنه يحسّ ثقل التبعة ان اظهر أمره ـ على نفاذ رسالته ، فهو على شجاعته في مواجهة قومه في أمّر أمر من العقيدة المضادة لما يعتقدون ، دون أية لجلجة ولا خشية ، إذ ما كانت لتمس من ساحة رسالته ، نراه هنا متلجلجا يخشاهم على رسالته خشية من ربه أن تتهدّم اركان دعوته بما يتوقعه من مجابهة عنيدة في هذه المواجهة فيقول : (أَمْسِكْ
__________________
ـ فقلت هذا امر من السماء دخلت يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة؟ قال : الله المزوج وجبريل الشاهد.