ولكن (وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) لا يمنعه مانع ولا يردعه رادع! إذ :
(ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً)(٣٨)
ضابطة سارية المفعول ترسمها الآية لحملة الرسالات الإلهية ألّا تقية لهم من الناس في بيان او تطبيق شرعة الله. فالحرج على اقسام عدة ، فقد يتحرج عن أصل الفرض على أية حال فلا يفرض على النبي والامة على أية حال : ف ـ (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢٢ : ٧٨) وقد يتحرّج لأمر في نفسه يعرضه كمرض يحرجه في فرضه فهو مفروض إلّا في حرجه للنبي والأمة ، وقد يتحرج بتحريج الناس فيتقيهم بتركه ، فذلك خاص بالامة بمن فيهم الأئمة دون الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ لا تقية له ، و (ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ) يعني الثالثة ، فان (فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) تثبت فرضه فيخرج المحرج في أصله ، ثم «له» يخرج المحرج في نفسه ، فانه موضوع عنه وعن الامة سواء ، فليكن هو المحرج الخارج عن نفسه من بأس الناس إذ يحرّجون موقفه من تطبيق (فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) فليس له أن يتقيهم حيث ضمن الله وقايته عن بأسهم كما هنا وفي قصة مارية وقضية بلاغ الإمرة.
ولماذا (فَرَضَ اللهُ لَهُ) دون «عليه» لأن الفرض هنا كان «له» حظوة بشرية ودعوة رسالية ، وحتى فيما لا خطوة له فيه شخصية ، بل عبء وثقل ، فلا يثقل على كاهله ، بل يستقبل فرض الله بكل رحابة صدر ورياحة خاطر ، فكل فرائض الله «له» لا «عليه» إذ لا يستثقلها على أية حال!
__________________
ـ رسول الله بلا خطبة ولا شهادة؟ قال : الله المزوج وجبريل الشاهد.