ان لأولاها رباطا عريقا سالفها ولا حقها ، فطاعة الله وطاعة الذين يحادون الله تتطلب قلبين اثنين إذ لا تجتمعان في قلب واحد ، فالذي يمزج بينهما ـ ضغث من هذا وضغث من ذاك ـ لا يطيع إلّا هواه ، دون الله وسواه ، حيث الطاعة المطلقة التي هي الطاعة لا سواها ، تحيل كونها بين اتجاهين متناحرين ، إلّا ان يكون للمطيع قلبان اثنان فيصبح كشخصين يطيع ويهوى بأحدهما الله ، وبثانيهما من سواه.
كما ولم يجعل لرجل من امّين اثنين ، التي ولدته والتي ظاهر منها ، لا جعلا تكوينيا ولا تشريعيا ، ان تنزّل الزوجة المظاهرة منزلة الام ، وان أمكن في غيرها كالام الرضاعية ، وكذلك الأمر في الأدعياء فهم ليسوا أبناء ولا بمنزلة الأبناء.
وليس لقلب واحد ان يتجه ويهوى الى أمّين على سواء ، ولا الى ابنين على سواء ، وأحدهما مجازي مجعول بحق او باطل ، اللهم إلّا ان يكون لرجل من قلبين في جوفه!
فالضابطة الرئيسية في هذا البين (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ) أن يصبح كشخصين يتجه كل الى وجهة ، مضادة او مناقضة للأخرى في حب مطلق وهوى او بغض مطلق أما ذا؟
فالجمع بين اثنين في قلب واحد مستحيل في متناقضين ، او ناقص في مختلفين ، فانه بكماله مستحيل كتمام الحب لهذا وتمامه لعدوّه ، واما ان تجتمع في قلب واحد امور عدة لحالة واحدة واتجاه واحد مع الغض عن حب وبغض وطاعة وعصيان ، وكلما يستحيل جمعه في تصديق ام حب وبغض ، فانه من مقام جمع الجمع ، يختص بالمقربين كقلب محمد وقلوب المحمديين المعصومين ، فلهم الحيطة العلمية بما يتلقون من اعمال ، هم