فليست لتكذب من جعل الله له مقام جمع الجمع ان يحيط علما بأمرين امّا زاد ، ولا يجمع صاحب هذا المقام بين متناقضين ، ام حبين لمتباغضين ، كمن سواه من العالمين وكما الله رب العالمين ـ وليس له قلب ـ فليس ليجمع حب المؤمن الى حب الكافر ام بغضهما وهو لا يشغله شأن عن شأن!.
ولان الواجب من حب الله وطاعته هو توحيده فيهما دونما ند ولا شريك ، فالجمع بين هكذا حب وطاعة ، وحب الغير وطاعته لا يمكن في قلب واحد ، إلّا ضغث من هذا وضغث من ذاك وهو من حب الهوى وطاعتها ، اللهم إلّا في قلبين ، هذا يحبه تماما وهذا يحب غيره ، فممكن الجمع بين حبين في قلب واحد غير مطلوب ، ومستحيله يمكن في قلبين و (ما جَعَلَ اللهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ)! ف ـ «لن يحبنا من يحب مبغضنا إن ذلك لا يجتمع في قلب واحد» (١)
__________________
ـ حميد بن معمر بن جيب الفهدي وكان لبيبا حافظا لما يسمع وكان يقول ان في جوفي لقلبين اعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد وكانت قريش تسميه ذا القلبين فلما كان يوم بدر وهزم المشركون وفيهم ابو معمر تلقاه ابو سفيان بن حرب وهو آخذ بيده احدى نعليه فقال له يا معمر ما حال الناس؟ قال : انهزموا قال : فما بالك إحدى نعليك في يدك والاخرى في رجلك؟ فقال ابو معمر : ما شعرت الا انهما في رجلي فعرفوا يومئذ انه لم يكن له الا قلب واحد لما نسي نعله في يده.
(١) نور الثقلين ٤ : ٢٣٤ ح ٦ في امالى الطوسي باسناده الى صالح بن ميثم التمار قال وجدت في كتاب ميثم يقول : تمسينا ليلة عند امير المؤمنين (عليه السلام) فقال لنا : ان عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله في قلبه ولن يحبنا من يحب مبغضنا ان ذلك لا يجتمع في قلب واحد وما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه يحب بهذا قوما ويحب بالآخر عدوهم والذي يحبنا فهو يخلص حبنا كما يخلص الذهب لا غش فيه والقمي في رواية ابن الجارود عن أبي جعفر (عليه السلام) في الآية قال علي بن أبي طالب (عليه السلام) لا يجتمع حبنا وحب عدونا في جوف انسان ... فمن أراد ان يعلم فليمتحن قلبه فان شارك في حبنا عدونا فليس منا ولسنا منه والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل والله عدو للكافرين.