(... وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) وليس «أمرنا» إلا عملا لسليمان بين يديه بإذن ربه ، فقد كان الاذن ـ إذا ـ اذن الأمر ، لا ـ فقط ـ اذن السماح ، حيث السماح لخدمة سليمان النبي حاصل بطبيعة الحال لكل بالغ مبلغ التكليف!
وترى ان (عَذابِ السَّعِيرِ) هنا خاص بالأخرى؟ وهو كذلك فانها هي دار الجزاء دون الاولى! ولم يأت السعير في القرآن فيما أتت (١٨) مرة إلّا للأخرى! فلا يختص ـ إذا ـ بالأولى ، وقد يعمها على هامشها دون تحتم فإن الآخرة هي دار الجزاء دون الاولى ، اللهم إلّا لمن تخطى حدّ الطغوى ، وقد تلمح «نذقه» دون «ندخله» لشموله عذاب الاولى ، فكل عذاب في الدنيا او البرزخ يعبر عنه بذوق العذاب وليس هو العذاب! وقد يدل عليه (وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) (٣٨ : ٣٨).
(يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ)(١٣).
أعمال اربعة هنا تذكر كنماذج هامة مما يشاءه سليمان من الجن ، ف «محاريب» جمع محراب من أماكن العبادة الخاصة كالمعروف المتداول عندنا ، و «تماثيل» هي الصور المجسمة من شجر وسواها ، وعموم اللفظ يشمل تماثيل ذوات الأرواح أيا كانوا ، وكما النباتات وسواها ، ولكنما المتعود طول التاريخ منها هي ذوات الأرواح (١) ولان سليمان النبي كان
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٢١٩ في الصحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل .. فقال : والله ما هي تماثيل الرجال والنساء ولكنها تماثيل الشجر وشبهه والصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن تماثيل الشجر والشمس والقمر فقال : لا بأس ما لم يكن ـ