(... وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) لا نجد القطر إلّا هنا عينا سائلة وفي الكهف مفرغا بحامية النار على زبر الحديد بين الصدفين (١٨ : ٩٦) وهو الرصاص ، و (عَيْنَ الْقِطْرِ) في أصلها غير سائلة ولا تسمى عينا إلّا معدنا ، فبإسالتها بخارقة إلهية خرجت عن أصالتها الجامدة الى عين سائلة يستثمرها سليمان كما يشاء في محاويجه ومحاويج شعبه دون سغب ولا تعب ، وكما ألان الله الحديد لأبيه داود (عليه السلام)!
(... وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) أهم ـ فقط ـ شياطين الجن : (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ) (٢١ : ٨٢)؟ (وَمِنَ الْجِنِّ) «دون» الشياطين ، تعميم دون اختصاص! ثم (وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) (٢٧ : ١٨) قد تحيل الإختصاص ، حيث الجن المؤمنون أحرى ان يكونوا من جنوده ، وتجنيده الشياطين ليس الا تذليلا لهم وقضاء على شيطناتهم لردح الخدمة ، و (قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ) (٢٧ : ٣٩) هي كالنص انه كان من مؤمني الجن واتقاهم فأقواهم على هذه الخارقة الإلهية!.
إذا ف ـ «من الجن» يعم قبيلي المؤمنين منهم والشياطين ، وكما جنوده الإنس دون اختصاص.
و (يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) تعني في سلطته وعلى رعايته ، لا في حضرته فحسب ، إذ كان شياطين الجن يغوصون له وهو بعيد عن حضرته مهما كان في سلطته.
(... يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ) تسخيرا لهم لأمره ، حيث الجن لا يسخرون دون ذلك ، إلا سخرية لمن يسخرهم دون ذلك! ومن خلفيات (بِإِذْنِ رَبِّهِ) :