(إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) دون تأمل وتحليل ، وتغاضيا عن كل دليل ، هي كلمة المترفين على مر الزمن الرسالية ، معادة مكرورة في كل قرية ، حيث الترف يغلظ القلوب ويفقدها كل حساسية عقلية ولمسة فطرية ، لحد يحسبونهم هم الموضوع الرئيسي والمحور الأساسي في الحياة ، وان أموالهم وأولادهم هي مانعتهم من العذاب في الأخرى كما تمنعهم في الأولى! :
(وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالاً وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) (٣٥) ولو كان هنالك عذاب فانما هو للمستضعفين فلنا الترف في كل طرف من أطراف الحياة : (وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى) (٤١ : ٥٠). وي! كأنما الأموال والأولاد هي التي تقربهم الى الله زلفى فلا يعذبون ، وليست هي من حسن اعمالهم ، ولا انها منهم حتى ولو كانت حسنة لهم :
(قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)(٣٦).
إنهم يحسبونهم ان بأيديهم بسط الرزق وقدره ، وهم يرون كثيرا ممن يسعى مجدا فلا يجد سعة إلّا قدرا ، وآخرين لا يسعون كثيرا ـ ام ـ ولا قليلا ولهم بسط في الرزق ، وهذا لا ينافي الضابطة المطردة : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى) فانما بسط الرزق وقدره في أكثرية ساحقة خارجان عن مدى السعي والبطالة (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) حيث يزعمون
__________________
ـ يقرأ الكتب فأتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : إلى م تدعو قال (صلى الله عليه وآله وسلم) : الى كذا وكذا قال : اشهد انك رسول الله قال ما علمك بذلك قال : انه لم يبعث نبي الا اتبعه رذالة الناس ومساكينهم فنزلت هذه الآيات .. فأرسل اليه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ان الله قد انزل تصديق ما قلت.