هناك يدرك الفريقان من الظالمين ان ليس الحوار ليثمر تخفيفا عن عذاب أم تأجيلا ، فلكلّ جريمته وإثمه ما هو ظالم قدره ، ثم على المستكبرين تبعة زائدة لإضلال الآخرين ، والمستضعفون عليهم وزرهم باتباعهم مقصرين ، لا يعفيهم انهم كانوا مستضعفين ، كما لا يعفي المستكبرين ان هؤلاء كانوا مجرمين.
فهنالك تختم الحوار برؤية العذاب وحيث لا تفيد الحوار :
(... وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ) كل من المستضعفين والمستكبرين (وَجَعَلْنَا (١) الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا) وهي في الحق تلكم الأغلال التي غلوا بها أنفسهم ، غل الاستضعاف وغل الاستكبار ، واين غل من غل؟ واين عذاب من عذاب؟ (هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) غلّا بغل : و (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)!
(وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ) (٣٤).
فلان ماهية الرسالات الإلهية وطبيعتها هي الحفاظ على العدل بين الناس ، والقضاء على تطاولات المستكبرين والطغاة والمترفين في اللذات والحيونات ، لذلك كانت تعارض منذ بزوغها من قبل المترفين فلم تكن ـ إذا ـ خلاف ما يزعم ـ بجانب الرأسمالية وتخديرا للمستضعفين (١) ف ـ
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ٢٣٨ ـ اخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي حاتم عن ابن زيد قال كان رجلان شريكان خرج أحدهما الى الساحل وبقي الآخر فلما بعث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كتب الى صاحبه يسأله ما فعل فكتب اليه انه لم يتبعه أحد من قريش الا رذالة الناس ومساكينهم فترك تجارته وأتى صاحبه فقال له دلني عليه وكان ـ