ولأن الفطر هو الشق ، إذا فالسماوات والأرض مشتقتان عن مادة مخلوقة قبلهما ، المعبر عنها في هود ب «الماء» وكما فصلت فيها وفي آيات من فصّلت والأنبياء (١).
(... جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً ..) وتذكر الملائكة بمختلف صيغها (٨٨) في القرآن كله ، مما يدلنا على مدى اهميتهم في رسالاتهم الروحية وسواها في ميزان الله.
وقد وصفهم امير المؤمنين وقائد الغر المحجلين (عليه السلام) بقوله : «خلقتهم وأسكنتهم سماواتك ، ليس فيهم فترة ، ولا عندهم غفلة ، ولا فيهم معصية ، اعلم خلقك بك ، وأخوف خلقك منك ، واقرب خلقك إليك ، وأعملهم بطاعتك ، لا يغشيهم نوم العيون ، ولا سهو القلوب ، ولا فترة الأبدان ، لم يسكنوا الأصلاب ، ولم تتضمنهم الأرحام ، ولم تخلقهم من ماء مهين ، أنشأتهم إنشاء فأسكنتهم سماواتك ، وأكرمتهم بجوارك ، وائتمنتهم على وحيك ، وجنبتهم الآفات ، ووقيتهم البليات ، وطهرتهم من الذنوب ، ولولا قوتك لم يقووا ، ولولا تثبيتك لم يثبتوا ، ولولا رحمتك لم يطيعوا ، ولولا أنت لم يكونوا.
أما إنهم على مكاناتهم منك ، وطاعتهم إياك ، ومنزلتهم عندك ، وقلة غفلتهم عن أمرك ، لو عاينوا ما خفي عنهم لاحتقروا اعمالهم ، ولأزرأوا
__________________
ـ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ ..» (١٤ : ١٠) «قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» (٣٩ : ٤٦) «فاطِرُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً ..» (٤٢ : ١١).
(١) الآيات ٩ ـ ١٢ من فصلت و ٢٩ من الأنبياء.