تعديد لعديد من النعم البارزة لكل عين ناظرة وبصيرة حاضرة من سماوية وارضية ، قراءة يراعة في كتابي التكوين والتدوين ، ابتداء بكتاب التكوين ، ثم ما يصدقه من كتاب التدوين ، لتعم القراءة كل كتاب نازل من العزيز الحكيم :
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَغَرابِيبُ سُودٌ)(٢٧).
«انزل» بمضيها تضرب الى اعماق الماضي حين كانت الأرض محترقة عطشانة فروّاها ربها من ماء السماء ، وكما تشمل مستقبل الإنزال ، حيث الغني الحميد ليس ليقطع رحمة شاملة تحتاجها الاحياء في عالم الحياة.
ثم «انزل» مفردا لفردية الذات والنعمة المنزلة ، واما «فأخرجنا» فهي لمحة الى جمعية الصفات في إخراج مختلف الثمرات ، فالإخراج قاصد دون فوضى ، فالماء الواحد والأرض الواحدة لا يخرجان ـ لولا مختلف التصميم ـ إلا ثمرة واحدة كما المكائن الخاصة!
ومن (ثَمَراتٍ مُخْتَلِفاً أَلْوانُها) ثمرة واحدة في ألوان ، كما الكثرة في ألوان ، ألوان الطعوم والاشكال وألوان الألوان : سبحان العزيز المنان!
وليست الثمرات ـ فقط ـ ألوان ، بل (وَمِنَ الْجِبالِ) ايضا مختلف الألوان : (جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) في بياضها واحمرارها (وَغَرابِيبُ سُودٌ).
والجدد هي الطرائق والشعاب ، بيضا وحمرا وغرابيب سود : حالكة شديدة السواد.
فما تراه من مختلف الألوان في الثمرة تراه في الصخرة ، مما يزيدك تدليلا على ارادة قاصدة ، وانها لفتة راصدة تهز القلوب ، وتوقظ حاسة