الذوق وخاصته في نظرة ناضرة تجريدية الى جمال الكون ، فالى جمال المكون حيث يبرز كونه الوحيد من مصارح في مسارح صفاته.
ثم نتخطى الثمرات والجبال الى مختلف الناس والدواب والأنعام :
(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ)(٢٨).
اختلاف سائد في كمّ الكائنات وكيفها في مختلف ألوانها. ولئن قلت : إن ذلك الاختلاف هو قضية اختلاف العناصر وخصوصيات التأليف ، تجد الاجابة في المادة الأمّ الساذجة المركبة ـ فقط ـ من زوجين اثنين ، فلا بد ـ إذا ـ من تصميم قاصد في كل فصل ووصل ، متفرع عن هذا الأصل : (وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ، فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ).
(وَمِنَ ... كَذلِكَ) الذي ذكرناه من مختلف الألوان ، وفي ذلك المسرح الجميل ، باختلاف الألوان ، من ألوان الذرات والجزئيات والعناصر وسائر المخلّفات المخلّفات هذه الاختلافات.
في ذلك المسرح (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) فالعلم بالله عبر آيات الله هو سبب الخشية ، والجهل بالله نتيجة الغفلة والتجاهل عن آيات الله ، هو سبب الغفوة الباغية.
ليس الجهل بالأسباب الكونية هو الموجب للاعتقاد بسبب غائب كما يهرفه الماديون ، وانما العلم بالأسباب هو الذي يدلنا الى سبب الأسباب! (١).
__________________
(١) راجع كتابنا «حوار بين الإلهيين والماديين» ص ٢٠ : ٣٠ ـ العلم والعلماء في فكرة الإله.