لذلك نرى القرآن يحرض العالمين الى توسع العلم والتعقل في الكون ، ولكي (يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ).
فالقصد من «العلماء» هنا هم العلماء بالله ، الذين يستخدمون فلسفاتهم العقلية وكشوفهم العلمية لمعرفة الله ، فكلما زادوا معرفة بالله زادوا خشية من الله ، انقلابا في قلوبهم الى الله ، وانقلابا عما يصرفهم عن الله!.
أترى «انما» حين تحصر خشية الله في «العلماء» فما ذنب الجهال إذ لم يؤتوا من العلم ما يخشون به الله؟ العلم هنا ليس ليعني ـ فقط ـ علم الصلاحات في بحوث فلسفية ام تجريبية إمّا هيه ، مهما تساعد على المعرفة ان حفظت فيها امانة التدليل على وجود خالق المدلول والدليل.
بل هو علم الايمان مهما كان صاحبه أميا لم يدرس اية صلاحات ، كما القرآن يربط الخشية أحيانا بالايمان : (فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٩ : ١٣) واخرى بعمل الايمان : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ) (٢٤ : ٥٢).
لذلك ترى ان الآيات هنا وهناك هي الآفاقية والانفسية لكل ذي بصر وبصيرة ، لا تكلف دراسات عقلية او علمية ، مهما كانت تساعد قضية المعرفة مع الحفاظ على الأمانة.
فرب عالم قتله جهله ، علما بالصلاحات وتجاهلا عن التبصر بها في المعرفيات والعلم هنا هو الحجاب الأكبر! ..
ورب جاهل أحياه علمه ، حيث يستخدم كافة الوسائل بمختلف الاساليب لمزيد المعرفة
الإلهية ، والعلم هنا يزيل الحجاب الأكبر!.
فيا ويلاه من جهل على جهل ، ظلمات بعضها فوق بعض ، ويا علياه من علم على علم نور على نور؟.