(... كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) «عزيز» يخشى «غفور» لمن لا يخشى مغبة ان يخشى!.
والخشية ـ وهي خوف يشوبه تعظيم عن علم بما يخشى منه ـ لزامها العلم قدرها ، وهي حالة في القلب تجعل الخاشي خاشعا لربه خاضعا ، في رقابة دائبة على أقواله وأفعاله وأحواله قدر معرفته بربه. يخشاه لعدله تعالى على ظلمه هو وعظمه تعالى.
فمن لا يخشى الله ليس من العلماء مهما كان أعلمهم في الصلاحات ، حتى الإلهية عقلية وعلمية ، ومن يخشى الله فهو من العلماء مهما كان أميا لا يقرأ ولا يكتب ، فميزانية العلم هي حسب ميزانية الخشية في ميزان الله! وكما يروي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «العلم علمان علم في القلب فذاك العلم النافع وعلم على اللسان فتلك حجة الله على خلقه» (١) حيث يحتج به على عالمه وعلى من يسمعه من عالمه!
اما علمتم ان لله عبادا أسكنتهم خشيته من غير عي ولا بكم ، انهم لهم الفصحاء النطقاء النبلاء العلماء بأيام الله غير انهم إذا ذكروا عظمة الله طاشت عقولهم من ذلك ، وانكسرت قلوبهم ، وانقطعت ألسنتهم ، حتى إذا استقاموا من ذلك سارعوا الى الله بالأعمال الزاكية ، فأين أنتم منهم؟ ..» (٢).
__________________
(١) الدر المنثور ٥ : ١٥٠ ـ اخرج ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم عن الحسن قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ..
(٢) الدر المنثور ٥ : ١٥٠ ـ اخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن وهب بن منبه قال : أقبلت مع عكرمة اقود ابن عباس بعد ما ذهب بصره حتى دخل المسجد الحرام فإذا قوم يمترون في حلقة لهم عند باب بني شيبة فقال : أمل بي الى حلقة المراء فانطلقت به حتى أتاهم فسلم عليهم فأرادوه على الجلوس فأبى عليهم وقال انتسبوا اليّ أعرفكم ـ