القصة كما يتضمن رءوس أقلامها وكما يضمن بقاءها على مدّ الزمن نموذجا بارعا من نماذج النصر ، كاشفة لهم من جوانبها ما لم يدركوها ، ويلقي
__________________
ـ أصحابه وكانوا سبعمائة رجل فقال سلمان يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ان القليل لا يقاوم الكثير في المطاولة ولا يمكنهم ان يأتونا من كل وجه فانا كنا معاشر العجم في بلاد فارس إذا دهمنا دهم من عدونا نحفر الخنادق فيكون الحرب من مواضع معروفة فنزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : أشار بصواب فامر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحفرة من ناحية احد الى راتج وجعل على كل عشرين خطوة وثلاثين خطوة قوما من المهاجرين والأنصار يحفرونه فامر فحملت المساحي والمعاول وبدأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأخذ معولا فحفر في موضع المهاجرين بنفسه وامير المؤمنين (عليه السلام) ينقل التراب من الحفرة حتى عرق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وعيي وقال : لا عيش الا عيش الآخرة اللهم ارحم للأنصار والمهاجرة فلما نظر الناس الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يحفر اجتهدوا في الحفر ونقل التراب فلما كان في اليوم الثاني بكروا الى الحفر وقعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسجد الفتح فبينا المهاجرون والأنصار يحفرون إذ عرض لهم جبل لم يعمل المعاول فيه فبعثوا جابر بن عبد الله الانصاري الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلمه بذلك قال جابر فجئت الى المسجد ورسول الله مستلقي على قفاه ورداءه تحت رأسه وقد شد على بطنه حجرا فقلت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قد عرض لنا جبل لم تعمل المعاول فيه فقام مسرعا حتى جاءه ثم دعا بماء في إناء فغسل وجهه وذراعيه ومسح على رأسه ورجليه ثم شرب ومجّ في ذلك الماء ثم صبه على ذلك الحجر ثم أخذ معولا فضرب ضربة فبرقت برقة فنظرنا فيها الى قصور الشام ثم ضرب أخرى فبرقت برقة نظرنا فيها الى قصور المدائن ثم ضرب اخرى فبرقت برقة اخرى فنظرنا فيها الى قصور اليمن فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اما إنه سيفتح الله عليكم هذه المواطن التي برقت فيها البرق ثم انهال علينا الجبل كما ينهال علينا الرمل فقال جابر : فعلمت ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مقو اي جائع لما رأيت على بطنه الحجر فقلت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هل لك في الغذاء؟ قال : ما عندك يا جابر؟ فقلت : عناق ـ