لتأخذ مجالاتها من قلوب الناشئة ولما يدخل الايمان في قلوبهم ، ومن قلوب ضعفاء الايمان ، لا سيما وهم كانوا ممن يتقشفون في مظاهر الايمان ويتسابقون ، فهم قد يعتبرون وعود النصر والإنتصار من الله ورسوله غرورا ، يقوله المنافقون ويتبعهم الذين في قلوبهم مرض الشك وشائبه النفاق ، فيصبحان حزبا واحدا في هذه الدعاية النكراء.
(الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) حينما تفرد تعني في الأكثر ـ المنافقين وحينما تقرن بالمنافقين تعني من يحن إليهم ويهواهم (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ) (٨ : ٤٩) (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) (٣٣ : ٦٠) وقد يعني المرض دونهما كما الشهوة : (فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ) (٣٣ : ٣٢) وكل انحراف في القلب مرض عقيديا او علميا او أخلاقيا أما ذا؟.
فقد وجد هؤلاء الأوغاد الأنكاد في هذا البلاء المزلزل والشدة الآخذة بالخناق فرصة للكشف عن امراض قلوبهم وهم آمنون ألّا لومة عليهم ، والمجالة آهلة ، والريبة آخذه مجالها من قلوب بلغت الحناجر ، فالواقع المزلزل بظاهره يصدقهم في غرورهم كأنهم منطقيون في قولتهم في هذا المسرح الهائل ، حيث أزيح عن قلوب البسطاء والأخفاء ذلك الستار الرقيق من تجملّ الإيمان ، وهذه هي سيرة النفاق ، تفتش عن المجالات الأسرع تأثرا والأوقع تحسرا ، زرعا للشكوك فيها ، وحصدا للناشئة لتنضم إلى حزبهم وهنالك الطامة الكبرى.
لكنما الله يكشف دوما عن نواياهم وجناياهم ، تعريفا بهم ومختلف الشبابيك من نفاقهم ، ومؤتلف الشبكات من مكائدهم :
(وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً)(١٣).