(يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) لو تابوا وصحت توبتهم ونصحت ، ولا سيما قرنائهم (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) حيث قرنوا ب ـ (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) فإنهم ذيولهم وليسوا منهم مردة النفاق ومرجفة المدينة ، بل المستجيبون لهم في دعاياتهم لضعف ايمانهم ، فعلّهم هم المعنيون ب ـ (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ).
فآية (صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ..) جعلت غير الصادقين في ايمانهم منافقين أصولا واتباعا ، ثم فرقت آية الجزاء بينهما (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ إِنْ شاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً).
٣ ـ (وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً) : قتلة ولا غلبة ولا غنمة بل (وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) فلم يقاتلوا الا شذرا بما قتل امير المؤمنين عمرو بن عبد ود ونفرا آخرين (١)(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) (٩) وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً) وهذا نصيب الكفار ثم :
(وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً (٢٦) وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً)(٢٧).
__________________
(١) في ملحقات الاحقاق ٣ : ٣٧٦ روى نزول الآية في علي (عليه السلام) عدة من أعلام القوم منهم العلامة الكنجي في كفاية الطالب (١١٠) وابو حيان الأندلس المغربي في البحر المحيط ٧ : ٢٤ وملّا معين الكاشفي في معارج النبوة ١ : ١٦٣ والسيوطي في الدر المنثور ٣ : ١٩٢ والمير محمد صالح الكشفى الترمذي في مناقب مرتضوي ٥٥ والحافظ ابو بكر بن مردويه في المناقب كما في كشف الغمة (٩٣) والالوسي في روح المعاني ٢١ : ١٥٦ والقندوزي في ينابيع المودة ٩٤ وابو نعيم الحافظ كلهم عن ابن مسعود كان يقرء : وكفى الله المؤمنين القتال بعلي (عليه السلام) وساق قصة عمرو بن عبدو كما فصلناه.