(٥) سورة المائدة
مدنية وآيها مائة وعشرون آية
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ)(١)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) الوفاء هو القيام بمقتضى العهد وكذلك الإيفاء والعقد العهد الموثق قال الحطيئة :
قوم إذا عقدوا عقدا لجارهم |
|
شدّوا العناج وشدّوا فوقه الكربا |
وأصله الجمع بين الشيئين بحيث يعسر الانفصال ، ولعل المراد بالعقود ما يعم العقود التي عقدها الله سبحانه وتعالى على عباده وألزمها إياهم من التكاليف ، وما يعقدون بينهم من عقود الأمانات والمعاملات ونحوها مما يجب الوفاء به ، أو يحسن إن حملنا الأمر على المشترك بين الوجوب والندب. (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) تفصيل للعقود ، والبهيمة كل حي لا يميز. وقيل كل ذات أربع ، وإضافتها إلى الأنعام للبيان كقولك : ثوب خز ، ومعناه البهيمة من الأنعام. وهي الأزواج الثمانية وألحق بها الظباء ويقر الوحش. وقيل هما المراد بالبهيمة ونحوهما مما يماثل الأنعام في الاجترار وعدم الأنياب ، وإضافتها إلى الأنعام لملابسة الشبه. (إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) إلا محرم ما يتلى عليكم كقوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) أو إلا ما يتلى عليكم تحريمه. (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ) حال من الضمير في (لَكُمْ) وقيل من واو (أَوْفُوا) وقيل استثناء وفيه تعسف و (الصَّيْدِ) يحتمل المصدر والمفعول. (وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) حال مما استكن في (مُحِلِّي) ، وال (حُرُمٌ) جمع حرام وهو المحرم. (إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ) من تحليل أو تحريم.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)(٢)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللهِ) يعني مناسك الحج ، جمع شعيرة وهي اسم ما أشعر أي جعل شعارا سمى به أعمال الحج ومواقفه لأنها علامات الحج وأعلام النسك. وقيل دين الله لقوله سبحانه وتعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) أي دينه. وقيل فرائضه التي حدها لعباده. (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) بالقتال فيه أو بالنسيء. (وَلَا الْهَدْيَ) ما أهدي إلى الكعبة ، جمع هدية كجدي في جمع جدية السرح. (وَلَا الْقَلائِدَ) أي ذوات القلائد من الهدي ، وعطفها على الهدي للاختصاص فإنها أشرف الهدي ، أو القلائد أنفسها والنهي عن إحلالها مبالغة في النهي عن التعرض للهدي ، ونظيره قوله تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ). والقلائد جمع قلادة