أو من أضللته إذا وجدته ضالا ، والتفضيل في العلم بكثرته وإحاطته بالوجوه التي يمكن تعلق العلم بها ولزومه وكونه بالذات لا بالغير.
(فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ (١١٨) وَما لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ)(١١٩)
(فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) مسبب عن إنكار اتباع المضلين الذين يحرمون الحلال ويحللون الحرام ، والمعنى كلوا مما ذكر اسم الله على ذبحه لا مما ذكر عليه اسم غيره أو مات حتف أنفه. (إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ) فإن الإيمان بها يقتضي استباحة ما أحله الله سبحانه وتعالى واجتناب ما حرمه.
(وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) وأي غرض لكم في أن تتحرجوا عن أكله وما يمنعكم عنه. (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ) مما لم يحرم بقوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر (فَصَّلَ) على البناء للمفعول ، ونافع ويعقوب وحفص (حَرَّمَ) على البناء للفاعل. (إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) مما حرم عليكم فإنه أيضا حلال حال الضرورة. (وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ) بتحليل الحرام وتحريم الحلال. قرأ الكوفيون بضم الياء والباقون بالفتح. (بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) بتشبيههم من غير تعلق بدليل يفيد العلم. (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) بالمجاوزين الحق إلى الباطل والحلال إلى الحرام.
(وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ (١٢٠) وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ لِيُجادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) (١٢١)
(وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) ما يعلن وما يسر ، أو ما بالجوارح وما بالقلب. وقيل الزنا في الحوانيت واتخاذ الأخدان. (إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ) يكتسبون.
(وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ظاهر في تحريم متروك التسمية عمدا أو نسيانا ، وإليه ذهب داود وعن أحمد مثله ، وقال مالك والشافعي بخلافه لقوله عليه الصلاة والسلام «ذبيحة المسلم حلال وإن لم يذكر اسم الله عليه» وفرق أبو حنيفة رحمهالله بين العمد والنسيان وأوله بالميتة أو بما ذكر غير اسم الله عليه لقوله : (وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ) فإن الفسق ما أهل لغير الله به ، والضمير لما ويجوز أن يكون للأكل الذي دل عليه ولا تأكلوا. (وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ) ليوسوسون. (إِلى أَوْلِيائِهِمْ) من الكفار. (لِيُجادِلُوكُمْ) بقولهم تأكلون ما قتلتم أنتم وجوارحكم وتدعون ما قتله الله ، وهو يؤيد التأويل بالميتة. (وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ) في استحلال ما حرم. (إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) فإن من ترك طاعة الله تعالى إلى طاعة غيره واتبعه في دينه فقد أشرك ، وإنما حسن حذف الفاء فيه لأن الشرط بلفظ الماضي.
(أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ)(١٢٢)
(أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ) مثل به من هداه الله سبحانه وتعالى وأنقذه من الضلال وجعل له نور الحجج والآيات يتأمل بها في الأشياء ، فيميز بين الحق والباطل والمحق والمبطل. وقرأ نافع ويعقوب (مَيْتاً) على الأصل. (كَمَنْ مَثَلُهُ) صفته وهو مبتدأ خبره. (فِي الظُّلُماتِ) وقوله : (لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها) حال من المستكن في الظرف لا من الهاء في مثله للفصل ، وهو مثل لمن بقي على الضلالة لا