وهي ما قلد به الهدي من نعل أو لحاء شجر أو غيرهما ليعلم به أنه هدي فلا يتعرض له. (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ) قاصدين لزيارته. (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً) أن يثيبهم ويرضى عنهم ، والجملة في موضع الحال من المستكن في آمين وليست صفة له ، لأنه عامل والمختار أن اسم الفاعل الموصوف لا يعمل ، وفائدته استنكار تعرض من هذا شأنه والتنبيه على المانع له. وقيل معناه يبتغون من الله رزقا بالتجارة ورضوانا بزعمهم إذ روي أن الآية نزلت عام القضية في حجاج اليمامة لما هم المسلمون أن يتعرضوا لهم بسبب أنه كان فيهم الحطيم بن شريح بن ضبيعة ، وكان قد استاق سرح المدينة وعلى هذا فالآية منسوخة. وقرئ «تبتغون» على خطاب المؤمنين (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) إذن في الاصطياد بعد زوال الإحرام ولا يلزم من إرادة الإباحة هاهنا من الأمر دلالة الأمر الآتي بعد الحظر على الإباحة مطلقا. وقرئ بكسر الفاء على إلقاء حركة همزة الوصل عليها وهو ضعيف جدا. وقرئ «أحللتم» يقال حل المحرم وأحل (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) لا يحملنكم أو لا يكسبنكم. (شَنَآنُ قَوْمٍ) شدة بغضهم وعداوتهم وهو مصدر أضيف إلى المفعول أو الفاعل. وقرأ ابن عامر وإسماعيل عن نافع وابن عياش عن عاصم بسكون النون وهو أيضا مصدر كليان أو نعت بمعنى : بغيض قوم وفعلان في النعت أكثر كعطشان وسكران. (أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) لأن صدوكم عنه عام الحديبية. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر الهمزة على أنه شرط معترض أغنى عن جوابه لا يجرمنكم. (أَنْ تَعْتَدُوا) بالانتقام ، وهو ثاني مفعولي يجر منكم فإنه يعدى إلى واحد وإلى اثنين ككسب. ومن قرأ (يَجْرِمَنَّكُمْ) بضم الياء جعله منقولا من المتعدي إلى مفعول بالهمزة إلى مفعولين. (وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) على العفو والإغضاء ومتابعة الأمر ومجانبة الهوى. (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) للتشفي والانتقام. (وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) فانتقامه أشد.
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)(٣)
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) بيان ما يتلى عليكم ، والميتة ما فارقه الروح من غير تذكية. (وَالدَّمُ) أي الدم المسفوح لقوله تعالى : (أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) وكان أهل الجاهلية يصبونه في الأمعاء ويشوونها. (وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ) أي رفع الصوت لغير الله به كقولهم : باسم اللات والعزى عند ذبحه. (وَالْمُنْخَنِقَةُ) أي التي ماتت بالخنق. (وَالْمَوْقُوذَةُ) المضروبة بنحو خشب ، أو حجر حتى تموت من وقذته إذا ضربته. (وَالْمُتَرَدِّيَةُ) التي تردت من علو أو في بئر فماتت. (وَالنَّطِيحَةُ) التي نطحتها أخرى فماتت بالنطح والتاء فيها للنقل. (وَما أَكَلَ السَّبُعُ) وما أكل منه السبع فمات ، وهو يدل على أن جوارح الصيد إذا أكلت مما اصطادته لم تحل. (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) إلا ما أدركتم ذكاته وفيه حياة مستقرة من ذلك. وقيل الاستثناء مخصوص بما أكل السبع. والذكاة في الشرع لقطع الحلقوم والمريء بمحدد. (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ) النصب واحد الأنصاب وهي أحجار كانت منصوبة حول البيت يذبحون عليها ويعدون ذلك قربة. وقيل هي الأصنام وعلى بمعنى اللام أو على أصلها بتقدير وما ذبح مسمى على الأصنام. وقيل هو جمع والواحد نصاب. (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ) أي وحرم عليكم الاستقسام بالأزلام ، وذلك أنهم إذا قصدوا فعلا ضربوا ثلاثة أقداح. مكتوب على أحدها ، أمرني ربي. وعلى الآخر : نهاني ربي. والثالث غفل ، فإن خرج الأمر مضوا على ذلك وإن خرج الناهي تجنبوا عنه وإن خرج الغفل أجالوها ثانيا ، فمعنى الاستقسام طلب معرفة ما قسم لهم دون ما لم يقسم لهم بالأزلام. وقيل : هو استقسام الجزور بالأقداح على الأنصباء المعلومة وواحد الأزلام زلم كجمل وزلم