في الربوبية والتوحيد في الالوهية ، وفسَّروا الأوّل بالتوحيد في الخالقية ، بمعنى الاعتقاد بأنّ للكون خالقاً واحداً ؛ وفسروا الثاني بالتوحيد في العبادة ، بمعنى أنّه ليس في الكون إلّامعبود واحد ؛ ولكنّهم اخطأوا في كلا الاصطلاحين.
أمّا الأوّل : فلأنّ التوحيد في الربوبية غير التوحيد في الخالقية ، فانّ الخالقية شيء والتدبير والإصلاح شيء آخر ، والله سبحانه وإن كان خالقاً ومدبراً لكنّه لا يكون دليلاً على وحدة المفهومين في الخارج.
فالعرب في عصر الجاهلية كانوا موحدين في الخالقية ، وكان منطق الجميع ، ما حكاه سبحانه بقوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ ليقُولُنَّ خَلَقَهُنَ الْعَزِيزُ العَلِيم). (١)
وفي الوقت نفسه لم يكونوا موحدين في الربوبية ، يقول سبحانه : (وَاتَّخذوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً) (٢) فكانوا يعتقدون بأنّ العزّة والتدبير من شؤون المدبر ، قال سبحانه : (واتَّخذوا مِنْ دُونِ الله آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُون) (٣) فكانوا يرون أنّ النصر بيد الإلهة ، خلافاً للموحد في أمر التدبير ، فهو يرى أنّ العزّة والنصر بيد الله سبحانه : قال تعالى : (فَلِلّهِ العِزَّةُ جَميعاً) (٤) ، وقال تعالى : (وَمَا النَّصْرُ إِلّا مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزيز الْحَكيم) (٥) إلى غير ذلك من الآيات الحاكية عن توغّلهم في الشرك في أمر التدبير.
__________________
(١) الزخرف : ٩.
(٢) مريم : ٨١.
(٣) يس : ٧٤.
(٤) فاطر : ١٠.
(٥) آل عمران : ١٢٦.