(وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)(١٨)
(وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ) امتحناهم بإرسال موسى عليهالسلام إليهم ، أو أوقعناهم في الفتنة بالإمهال وتوسيع الرزق عليهم. وقرئ بالتشديد للتأكيد أو لكثرة القوم. (وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ) على الله أو على المؤمنين أو في نفسه لشرف نسبه وفضل حسبه.
(أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) بأن أدوهم إليّ وأرسلوهم معي ، أو بأن أدوا إلي حق الله من الإيمان وقبول الدعوة يا عباد الله ، ويجوز أن تكون (أَنْ) مخففة ومفسرة لأن مجيء الرسول يكون برسالة ودعوة. (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) غير متهم لدلالة المعجزات على صدقه ، أو لائتمان الله إياه على وحيه وهو علة الأمر.
(وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (١٩) وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ) (٢٠)
(وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ) ولا تتكبروا عليه بالاستهانة بوحيه ورسوله ، و (أَنْ) كالأولى في وجهيها.
(إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) علة للنهي ولذكر ال (أَمِينٌ) مع الأداء ، والسلطان مع العلاء شأن لا يخفى.
(وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ) التجأت إليه وتوكلت عليه. (أَنْ تَرْجُمُونِ) أن تؤذوني ضربا أو شتما أو أن تقتلوني. وقرئ «عت» بالإدغام فيه.
(وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ (٢١) فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ مُجْرِمُونَ)(٢٢)
(وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ) فكونوا بمعزل مني لا علي ولا لي ، ولا تتعرضوا إليّ بسوء فإنه ليس جزاء من دعاكم إلى ما فيه فلا حكم.
(فَدَعا رَبَّهُ) بعد ما كذبوه. (أَنَّ هؤُلاءِ) بأن هؤلاء (قَوْمٌ مُجْرِمُونَ) وهو تعريض بالدعاء عليهم بذكر ما استوجبوه به ولذلك سماه دعاء ، وقرئ بالكسر على إضمار القول.
(فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ (٢٣) وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ)(٢٤)
(فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً) أي فقال أسر أو قال إن كان الأمر كذلك (فَأَسْرِ) ، وقرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير بوصل الهمزة من سرى (إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ) يتبعكم فرعون وجنوده إذا علموا بخروجكم.
(وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً) مفتوحا ذا فجوة واسعة أو ساكنا على هيئته بعد ما جاوزته ولا تضربه بعصاك ولا تغير منه شيئا ليدخله القبط (إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ) وقرئ بالفتح بمعنى لأنهم.
(كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (٢٥) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ (٢٦) وَنَعْمَةٍ كانُوا فِيها فاكِهِينَ)(٢٧)
(كَمْ تَرَكُوا) كثيرا تركوا. (مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).
(وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ) محافل مزينة ومنازل حسنة.
(وَنَعْمَةٍ) وتنعم. (كانُوا فِيها فاكِهِينَ) متنعمين ، وقرئ «فكهين».
(كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها قَوْماً آخَرِينَ (٢٨) فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ وَما كانُوا مُنْظَرِينَ)(٢٩)
(كَذلِكَ) مثل ذلك الإخراج أخرجناهم أو الأمر كذلك. (وَأَوْرَثْناها) عطف على المقدر أو على (تَرَكُوا). (قَوْماً آخَرِينَ) ليسوا منهم في شيء وهم بنو إسرائيل ، وقيل غيرهم لأنهم لم يعودوا إلى مصر.