هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ)(١٤)
(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي إذا وقع ذلك فويل لهم.
(الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ) أي في الخوض في الباطل.
(يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا) يدفعون إليها دفعا بعنف ، وذلك بأن تغل أيديهم إلى أعناقهم وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم فيدفعون إلى النار. وقرئ «يدعون» من الدعاء فيكون دعا حالا بمعنى مدعوين ، و (يَوْمَ) بدل من (يَوْمَ تَمُورُ) أو ظرف لقول مقدر محكيه.
(هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) أي يقال لهم ذلك.
(أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(١٦)
(أَفَسِحْرٌ هذا) أي كنتم تقولون للوحي هذا سحر أفهذا المصداق أيضا سحر ، وتقديم الخبر لأنه المقصود بالإنكار والتوبيخ. (أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ) هذا أيضا كما كنتم لا تبصرون في الدنيا ، ما يدل عليه وهو تقريع وتهكم أو : أم سدت أبصاركم كما سدت في الدنيا على زعمكم حين قلتم (إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا).
(اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا) أي ادخلوها على أي وجه شئتم من الصبر وعدمه فإنه لا محيص لكم عنها. (سَواءٌ عَلَيْكُمْ) أي الأمران الصبر وعدمه. (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) تعليل للاستواء فإنه لما كان الجزاء واجب الوقوع كان الصبر وعدمه سيين في عدم النفع.
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ)(٢٠)
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) في أية جنات وأي نعيم ، أو في (جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) مخصوصة بهم.
(فاكِهِينَ) ناعمين متلذذين. (بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) وقرئ «فكهين» و «فاكهون» على أنه الخبر والظرف لغو. (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ) عطف على (آتاهُمْ) إن جعل ما مصدرية ، أو (فِي جَنَّاتٍ) أو حال بإضمار قد من المستكن في الظرف أو الحال ، أو من فاعل آتى أو مفعوله أو منهما.
(كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) أي أكلا وشرابا (هَنِيئاً) ، أو طعاما وشرابا (هَنِيئاً) وهو الذي لا تنغيص فيه. (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بسببه أو بدله ، وقيل الباء زائدة و «ما» فاعل (هَنِيئاً) ، والمعنى هنأكم ما كنتم تعملون أي جزاؤه.
(مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ) مصطفة (وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) الباء لما في التزويج من معنى الوصل والإلصاق ، أو للسببية إذ المعنى صيرناهم أزواجا بسببهن ، أو لما في التزويج من معنى الإلصاق والقرن ولذلك عطف :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ)(٢١)
(وَالَّذِينَ آمَنُوا) على حور أي قرناهم بأزواج حور ورفقاء مؤمنين. وقيل إنه مبتدأ خبره (أَلْحَقْنا بِهِمْ) وقوله : (وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ) اعتراض للتعليل ، وقرأ ابن عامر ويعقوب «ذرياتهم» بالجمع وضم التاء